فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها : وفي ذلك سبعة أقوال :
الأول ـ أنها نزلت في صلاة النبىّ صلى الله عليه وسلم قبل بيت المقدس ، ثم عاد فصلّى إلى الكعبة ؛ فاعترضت عليه اليهود ، فأنزلها الله تعالى له كرامة وعليهم حجّة ، قاله ابن عباس.
الثاني ـ أنها نزلت في تخيير النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليصلّوا حيث شاءوا من النواحي ، قاله قتادة.
الثالث ـ أنها نزلت في صلاة التطوّع ، يتوجّه المصلّى في السفر إلى حيث شاء فيها راكبا ، قاله ابن عمر.
الرابع ـ أنها نزلت فيمن صلّى الفريضة إلى غير القبلة في ليلة مظلمة ، قاله عامر بن ربيعة.
الخامس ـ أنها نزلت في النجاشيّ ، آمن بالنبىّ صلى الله عليه وسلم ولم يصل إلى قبلتنا ، قاله قتادة.
السادس ـ أنها نزلت في الدعاء.
السابع ـ أنّ معناها أينما كنتم وحيثما كنتم من مشرق أو مغرب فلكم قبلة واحدة تستقبلونها.
قال القاضي : هذه الأقوال السبعة لقائليها تحتمل الآية جميعها ؛ فأما قول ابن عباس فيشهد له قوله سبحانه وتعالى (١) : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها ، قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ...).
وأما قول ابن عمر فسند صحيح ، وهو قوىّ في النظر ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحرم في السفر على الراحلة ، مستقبل القبلة ، ثم يصلى حيث توجّهت به بقية الصلاة (٢) ، وهو صحيح (٣).
وأما قول عامر بن ربيعة فقد أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح عنه ، وإن كان المصنّفون قد رووه.
وقد اختلف العلماء في ذلك ؛ فقال أبو حنيفة ومالك : تجزئه ، بيد أن مالكا رأى عليه الإعادة في الوقت استحبابا.
__________________
(١) سورة البقرة ، آية ١٤٢
(٢) في م : ثم يتوجه حيث توجهت به يصلى بقية الصلاة.
(٣) صحيح مسلم : ٤٨٦