يفعل ذلك به ، والشهيد حىّ ، وبه قال مالك والشافعى.
وقال أبو حنيفة : لا يصلّى الله عليه ، وكما أن الشهيد في حكم الحىّ فلا يغسل ، فكذلك لا يصلّى الله عليه ؛ لأن الغسل تطهير ، وقد طهر بالقتل ، فكذلك الصلاة شفاعة وقد أغنته عنها الشهادة ، يؤكّده أنّ الطهارة [٢٦] إذا سقطت مع القدرة عليها سقطت الصلاة ؛ لأنها شرطها ، وسقوط الشرط دليل على سقوط المشروط ، وما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى عليهم لا يصحّ فيه طريق ابن عباس ولا سواه ، وقد استوفيناها في مسائل الخلاف.
الآية الثامنة والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ).
فيها ستّ مسائل :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها : روى شعبة عن عاصم ، قال : سألت أنس بن مالك عن الصفا والمروة ، فقال : كانا من شعائر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكوا عنهما ، فنزلت الآية.
المسألة الثانية ـ قال علماء اللغة : قوله تعالى : (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) ؛ يعنى من معالم الله في الحجّ ، واحدتها شعيرة ، ومنه إشعار الهدى ؛ أى إعلامه بالجرح وما يصدق عليه (٢) ، والمعنى فيه عندي ما حصل به العلم لإبراهيم عليه السلام وأشعر به إبراهيم ، أى أعلم.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ).
الجناح في اللغة عبارة عن الميل كيفما تصرّف ، ولكنه خصّ بالميل إلى الإثم ، ثم عبّر به عن الإثم في الشريعة ، وقد استعملته العرب في الهمّ والأذى ، وجاء في أشعارها وأمثالها.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما).
وهي معارضة الآية ، وروى ابن شهاب عن عروة قلت لعائشة رضى الله عنها : أرأيت قول الله تبارك وتعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله ... الآية ؛ فو الله ما على أحد جناح ألا يطّوّف بهما.
قالت عائشة رضى الله عنها : بئس ما قلت يا بن أختى (٣) ، إنها لو كانت على ما تأوّلتها لكان فلا جناح عليه ألا يطّوف بهما ، إنما كان هذا الحىّ من الأنصار قبل أن يسلموا
__________________
(١) الآية الثامنة والخمسون بعد المائة.
(٢) في م : وما يعلق عليه.
(٣) في م : يا ابن أخى.
والمثبت في صحيح مسلم ٩٢٩ أيضا.