أن يطوّف ، وحرف «لا» زائد ، وهذا ضعيف من وجهين :
أحدهما ـ أنّا قد بيّنا في مواضع أنه يبعد أن تكون «لا» زائدة.
الثاني ـ أنه لا لغوىّ ولا فقيه يعادل عائشة رضى الله عنها ، وقد قررتها غير زائدة ، وقد بيّنت معناها ، فلا رأى (١) للفراء ولا لغيره.
المسألة الخامسة ـ اختلف (٢) الناس في السعى بين الصفا والمروة ؛ فقال الشافعى : إنه ركن. وقال أبو حنيفة : ليس بركن. ومشهور مذهب مالك أنه ركن ، وفي العتبية : يجزئ تاركه الدم.
ومعوّل من نفى وجوبه وركنيّته أنّ الله تعالى إنما ذكره في رفع الحرج خاصة كما تقدم بيانه. ودليلنا ما روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنّ الله كتب عليكم السعى فاسعوا. صححه الدارقطني. ويعضده المعنى ؛ فإنه شعار لا يخلو عنه الحجّ والعمرة ، فكان ركنا كالطواف ، وما ذكروه من رفع الحرج أو تركه فقد تقدّم القول فيه.
المسألة السادسة ـ قوله تعالى : (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً).
تعلّق به من ينفى ركنيّة السعى كأبى حنيفة وغيره ، قال : إنّ الله تعالى رفع الحرج عن تركه. وقال تعالى بعد ذلك : ومن تطوّع خيرا بفعله فإنّ الله يأجره. والتطوّع هو ما يأتيه المرء من قبل نفسه. وهذا ليس يصحّ ؛ لأنا قد بينا إلى أى معنى يعود رفع الجناح. وقوله تعالى : (وَمَنْ تَطَوَّعَ) ، إشارة إلى أن السعى واجب ، فمن تطوّع بالزيادة عليه فإن لله تعالى يشكر ذلك له.
الآية التاسعة والعشرون ـ قوله تعالى (٣) : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ).
استدلّ بها علماؤنا على وجوب تبليغ الحقّ وبيان العلم على الجملة.
__________________
(١) في م : فلا رد.
(٢) في هامش م هنا : مسألة السعى ركن من أركان الحج.
(٣) الآية التاسعة والخمسون بعد المائة.