لا تخصيص في شيء من ذلك ؛ قاله مالك. ومنهم من قال : هو مخصوص (١) في الكبد والطحال ؛ قاله الشافعى.
والصحيح أنه لم يخصّص ، وأن الكبد والطحال لحم ، يشهد بذلك العيان الذي لا يعارضه بيان ولا يفتقر إلى برهان.
المسألة السادسة ـ قوله تعالى : (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ).
اتفقت الأمة على أن [لحم] (٢) الخنزير حرام بجميع أجزائه. والفائدة في ذكر اللحم أنه حيوان يذبح للقصد إلى لحمه ، وقد شغفت المبتدعة بأن تقول : فما بال شحمه ، بأى شيء حرّم؟ وهم أعاجم لا يعلمون أنه من قال لحما فقد قال شحما ، ومن قال شحما فلم يقل لحما ؛ إذ كلّ شحم لحم ، وليس كل لحم شحما من جهة اختصاص اللفظ ؛ وهو لحم من جهة حقيقة اللحمية ، كما أن كل حمد شكر ، وليس كل شكر حمدا من جهة ذكر النعم ، وهو حمد من جهة ذكر فضائل المنعم.
ثم اختلفوا في نجاسته ؛ فقال جمهور العلماء : إنه نجس. وقال مالك : إنه طاهر ، وكذلك كلّ حيوان عنده ؛ لأنّ علة الطهارة عنده هي الحياة. وقد قرّرنا ذلك عند مسائل الخلاف بما فيه كفاية ، وبيّنّاه طردا وعكسا ، وحققنا ما فيه من الإحالة [والملاءمة] (٣) والمناسبة على مذهب من يرى ذلك ومن لا يراه بما لا مطعن فيه ، وهذا يشير بك إليه ، فأما شعره فسيأتى ذكره في سورة النحل إن شاء الله تعالى.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ).
وموضعها سورة الأنعام.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ).
وتصريفه (٤) افتعل من الضرر ، كقوله : افتتن من الفتنة ، أى أدركه ضرر ، ووجد به.
وقد تكلّمنا في حقيقة الضّرر والمضطر في كتاب المشكلين بما فيه كفاية.
بيانه أنّ الضرر هو الألم الذي لا نفع فيه يوازيه أو يربى (٥) عليه ، وهو نقيض النّفع ، وهو الذي لا ضرر فيه ؛ ولهذا لم يوصف شرب الأدوية [٣١] الكريهة والعبادات الشاقة
__________________
(١) في م : مخصص.
(٢) من م.
(٣) ليس في م.
(٤) هنا في هامش م : مسألة في المضطر والمكره واشتقاقهما.
(٥) أربى : زاد.