بالانسحاق أمام عظمة القدرة ، ولا يجد إلا كلمات الحمد التي لا تنبغي إلا له وحده.
* * *
الله جاعل الظلمات والنور
(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ويعيش الإنسان مع الظلمات التي تطبق على الكون في أعماق البحار ، وفي أغوار الكهوف ، وفي آفاق الفضاء ، عند ما يطبق الليل على الأرض ، وتبتعد الشمس عن الأفق ، فلا يكتفي بالمشاعر السلبيَّة القاتمة التي يعيشها عند ما يفتقد بهجة النور في الكون ، فيفقد فرح النور في نفسه ، أو بالمشاعر الإيجابية من الجانب الآخر ، التي تملأ نفسه بالهدوء والسكينة والطمأنينة والسلام أمام سكون الليل وهدوء الظلام ، وانسياب المعاني الصوفية الشاعرية الحبيبة في روحية المناجاة مع الكون ومع الله في روحه ، بكل وداعة وإبداع .. وينطلق الصباح في مثل الخيوط السحرية التي تتناثر في الفضاء رويدا ، تماما كما يتنفس الكون بأنفاس الضياء في تنهيدة عميقة تشهق بالنور كما يشهق الصدر بالهواء .. ويتحرك خيط من هنا .. وخيط من هناك .. ويهدر ينبوع النور في إشراقة الشمس ، ورديّ الملامح .. ذهبيّ الخيوط ، ناصع البياض كمثل الشلّال ، وتنفتح العيون في الإنسان ، والحيوان ، والنبات ، والجماد ، وفي كل شيء .. فإذا بكل شيء عين تحدّق في الفضاء من جديد بعد أن أغلقها الظلام بسكونه وغفوته وغلّفها بغلافه الكثيف ، وإذا بالبهجة تملأ الروح ، والفرحة تغمر القلب ، والحركة تدفع الخطى وتحرّك الحياة نحو يوم جديد من أجل إنسان جديد ، وحياة جديدة.
وتعود المشاعر لتعيش بين إيجابيّة النور الذي يوقظ الحيوية في الداخل ، وبين سلبية الضجيج الذي يرهق السكينة في الأعماق ، ولكن القرآن