وقد نازع رجل من عنز ، يقال له : ضبّة بن محصن العنزي ، أبا موسى الأشعري في الغنائم ، فأرسله إلى عمر بن الخطّاب ، وعنّفه عمر قبل أن يسأله عن سبب المنازعة ، فغضب العنزي وأراد الانصراف ، ثمّ سأله عن السبب؟ فقال : لأنّه ـ أي أبو موسى الأشعري ـ اختار ستّين غلاماً من أبناء الدهاقين فاتّخذهم لنفسه ، وله جارية يقال لها : عقيلة ، يغذّيها بجفنة ملآنة عراقاً ـ المفطام من الغنم إذا كان عليه شيء من اللحم ـ ويعشّيها بمثل ذلك ، وليس منّا من يقدر على ذلك ، وله خاتمان يختم بهما ، وله قفيزان يكتال بأحدهما لنفسه ويكيل بالآخر لغيره ، وأنّه يمنع من غنيمة رامهرمز خصوص أهل الكوفة ـ بدعوى إعطائهم الأمان مدّة ـ دون أهل البصرة.
وقد تكرّرت هذه الدعوى ضدّ أبي موسى الأشعري في عدّة مدن ، فأحضر عمر أبا موسى وساءله عن ذلك ، إلاّ أنّه لم يتعدّ المشادّة فقط ، ومع ذلك أبقاه عمر في عمله ، وأخذ عقيلة منه بثمنها ، وكانت عند عمر إلى أن قتل عنها ، كما جاء نصّ ذلك باللفظ عند ابن أعثم (١) ، والظريف تخصيص عمر الجارية لنفسه كمعالجة للحيف والجور الحاصل.
وعن عبـد الرحمن بن أبي بكرة : أنّ أبا بكرة وزياداً ونافعاً وشبل بن معبد كانوا في غرفة والمغيرة في أسفل الدار ، فهبّت ريح فرأوا المغيرة بين رجلي امرأة ـ أُمّ جميل ـ يزني بها ، فقال له أبو بكرة : إنّه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا.
قال : وذهب ليصلّي بالناس الظهر فمنعه أبو بكرة ، وقال له : والله لاتصلّي بنا وقد فعلت ما فعلت.
____________
(١) كتاب الفتوح ٢ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.