فقال الناس : دعوه فليصلّ فإنّه الأمير ، واكتبوا إلى عمر.
فلمّا شهدوا عليه عنده وبقي زياد قال عمر : ما يثني زياد عن الشهادة. مع أنّ ما قاله زياد يلازم تحقّق الزنا (١).
وذكرت عدّة من المصادر عن المأمون العبّاسي إفصاحه عن هذه الظاهرة في المناظرة التي جرت بينه وبين فقهاء العامّة ؛ فقد روى صاحب كتاب البرهان بسنده المتّصل عن أبي إسماعيل (٢) ، وابن عبـد ربّه في العقد الفريد ، والصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام (٣) ، عن أبي إسماعيل بن إسحاق بن حمّاد ، واللفظ له ، قال : بعث إليّ وإلى عدّة من المشايخ يحيى ابن أكثم القاضي ، فأحضرنا وقال : ...
ثمّ قال المأمون : يا إسحاق! أوَ ما علمت أنّ جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا أشاد بذكر عليّ وبفضله ، وطوّق أعناقهم ولايته وإمامته ، وبيّن لهم أنّه خيرهم من بعده ، وأنّه لا يتمّ لهم طاعة الله إلاّ بطاعته ، وكان في جميع ما فضّله به نصّ على أنّه وليّ الأمر بعده ، قالوا : إنّما ينطق النبيّ صلى الله عليه وآله عن هواه ، وقد أضلّه حبّه ابن عمّه وأغواه. وأطنبوا في القول سرّا ً ؛ فأنزل الله المطّلع على السرائر : (والنجم إذا هوى * ما ضلّ صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحيٌّ يوحى) (٤)؟!
____________
(١) الأغاني ـ لأبي الفرج ـ ٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٦٢ ، سُنن البيهقي ٨ / ٢٣٥ ، تاريخ الطبري ٤ / ٢٠٧.
(٢) بحار الأنوار ٧٢ / ١٤٧.
(٣) عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٤.
(٤) سورة النجم ٥٣ : ١ ـ ٤.