أمّا أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ، فذلك إجماع العترة الطاهرة ، وهو إجماع أهل النقل كافّة ، وإجماعهم كافٍ في باب الأخبار ، ولو أردنا تفصيل الرواية (١) وأسماء الرواة (٢) لطال الكلام ، والغرض الاختصار ، وهو موجود بحمد الله تعالى ومنّه.
وأمّا وجـه الدلالة ، فهو : إنّ الله أثبت الولاية له ولرسوله ولمن آتى
____________
(١) تواترت الأخبار في سبب نزول الآية : دخل سائل فقير إلى مسجد رسول الله ٦ وكان المسلمون في تلك الساعة منهمكون بالعبادة والأعمال الأُخرى ، فسأل فلم يعطه أحد شيئاً إلاّ عليّاً عليه السلام ، أعطاه خاتمه وهو في حالة الركوع ..
انظر : ما ذكره الحسكاني في شواهد التنزيل ١ / ١٧٩ ح ٢٣٥ ، بالاِسناد إلى أبيذرّ رحـمه الله تعالى ، قال : أما إنّي صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً ، وكان عليٌّ راكعاً فأومأ بخنصره إليه ، وكان يتختّم بها ، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره ، فتضرّع النبيّ صلى الله عليه وآله ـبعـد أن سأل مِن السائل وأجابه بأنّ ذلك الراكع هو الذي أعطاني الخاتم ـ إلى اللهعزّ وجلّ ، فقال :
«اللّهمّ إنّ أخـي موسـى سألك ، قال : (ربّ اشرح لي صـدري * ويسّر لي أمري * واحلُل عقدةً من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركْه في أمري) ، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً : (سنشـدّ عضدك بأخيك) ، اللّهمّ وأنا محمّـد نبيّك وصفيّك ، اللّهمّ فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّاً أخي ، اشدد به أزري».
قال ـ أبو ذرّ ـ : فوالله ما استتمّ رسول الله الكلام حتّى نزل عليه جبرئيل من عند الله وقال : يا محمّـد! هنيئاً لك ما وهب لك في أخيك.
قال : وماذا يا جبرائيل؟
قال : أمر الله أُمّتك بموالاته إلى يوم القيامة ، وأنزل عليك : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
وهناك روايات أُخرى وبألفاظ متعدّدة ، وسيذكر المصنّف أحدها في ص ١٧٨.
(٢) من رواة هذه الواقعة : أبو ذرّ الغفاري ، عمّار بن ياسر ، جابر بن عبدالله الأنصاري ، سلمة بن كهيل ، أنس بن مالك ، ابن عبّـاس ، عمرو بن العاص ، المقداد بن الأسود الكندي ؛ راجع ذلك في : شواهد التنزيل ١ / ١٧٣ ح ٢٣١ ـ ٢٤٠.