وأمّا إنّ ذلك معنى الاِمامة ؛ فلأنّا لا نعني بقولنا : «فلان إمام» إلاّ أنّه يملك التصرّف على الناس في أُمور مخصوصة وتنفيذ أحكام شرعيّة ؛ فثبتت دلالة الآية على إمامته عليه السلام.
[آية الاِنذار]
ومن ذلك قوله تعالى : (إنّما أنت منذر ولكلّ قومٍ هادٍ) (١) :
قال صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لعليّ عليه السلام : «أنا المنذر وأنت الهادي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي» (٢).
وعنه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنّه قال : «ليلة أُسـري بي ما سألت ربّي شيئاً إلاّ أعطانيه ، سمعت منادياً من خلفي : يا محمّـد! إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد ، قلت : أنا المنذر فمن الهادي؟ قال : عليّ الهادي المهتدي ، القائد أُمّتك إلى جنّتي غرّاء محجّلين برحمتي» (٣).
وفي هذا لطيفة ، وهي : إنّ الرسول صلّى الله عليه [وآله] وسلّم المنذر فلا منذر معه في وقته ، فكذلك عليّاً هو الهادي فلا هادي معه في وقته ..
ومصداق ذلك ما روي عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنّه قال : «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها ، كذب من زعم أنّه يصل إلى المدينة إلاّمن قبل الباب» (٤) ؛ فلا جرم أنّ من قدّم غير أمير المؤمنين فقد خالف
____________
(١) سورة الرعد ١٣ : ٧.
(٢) الطرائف ـ لابن طاووس ـ : ٧٩ ح ١٠٧ ، تفسير الرازي ١٩ / ١٤ ، تفسير الطبري ١٣ / ٧٢ ، الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٠ ح ٣٣٠١٢.
(٣) شواهد التنزيل ١ / ٢٩٦ ح ٤٠٣.
(٤) المناقب ـ للمغازلي ـ : ٨٥ ح ١٢٦ ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : ٢٩٤ ح ٤٨٦ ،