وهـذا الحـديث قـد رواه كافّة أهل الكتب المشهورة في الحديث ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فهل ترى أيّها الطالب للنجاة أوَ مَنْ عزله الله تعالى ولم يقمه مقام أمير المؤمنين عليه السلام في تبليغ آيات قلائل يكون أوْلى بالاِمامة باختيار خمسة (١) ممّن اختاره الله تعالى ورسوله؟!
معاذ الله ، ما كان لهم أن يختاروا غير من اختاره الله ، ويؤخّروا من قدّم الله ويقدّموا من أخّر الله ، وهو يقول عزّ من قائل : (ويختار ما كان لهم الخِيَرَة) (٢) ، لكنّهم بدّلوا وغيّروا ، وفعلوا غير ما به أُمروا.
ومن النصوص الصريحة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام : حديث النجم ؛ وهو : ما روي أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم سُئل عن الاِمام بعده؟ فقال : «من ينزل الكوكب في داره منذ الليلة».
فانتظر الناس ، فلمّا قرب وقت الصبح وإذا بكوكب نزل في حجرة
____________
٣ ـ قولهم : إنّ الرسول صلّى الله عليه وآله أرسل أبابكر ، ثمّ أتبعه عليّاً عليه السلام ، وذلك إشارة منه صلّى الله عليه وآله بإمامة أبي بكر.
نقول : هذا يعني إمامة أكثر الصحابة ، لأنّ الرسول صلّى الله عليه وآله عند خروجه من المدينة يولّي عليها ابن اُم مكتوم وغيره ، ويولّي آخر على مكّة بعد الفتح ، ويولّي آخرون في الغزوات ، فهل يعني هذا أنّهم أئمّة؟!
ثمّ إنّ عليّاً عليه السلام هو نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فإذا كان أبو بكر إماماً عليه فهذا يعني كون الرسول مأموماً وأبوبكر إماماً. وهذا لا يقوله جاهل فضلاً عن العالم.
أضف إلى ذلك أنّه صلّى الله عليه وآله لم يجعله عليه السلام تحت إمرة أحد قط ، بل يكون هو الامام وغيره المأموم ، على العكس من أبي بكر ، إذ نراه مأموراً ومن ضمن جيش اُسامة الذي تخلّف عنه هو وعمر.
(١) الظاهر أنّ نظر المؤلّف كان إلى خمسة من أصحاب السقيفة : عمر ، أبو عبيدة الجرّاح ، بشير بن سعد الخزرجي ، أُسيد بن حضير ، وسالم مولى أبي حذيفة ؛ فهم أقطاب اجتماع السقيفة ، وإلاّ فغيرهم كثير قد بايعوا أبا بكر في ذلك الوقت.
(٢) سورة القصص ٢٨ : ٦٨.