____________
ولكن بعضهم حاول تحريف وتأويل هذا الحديث ، سائرين على نهج من تقدّمهم من المروّجين والداعين إلى بني أُميّة وبني العبّـاس ؛ ظنّاً منهم أنّه يمكن القضاء على أهل البيت : وعلى شيعتهم.
فحاول بعضهم بتأويل الحديث ، وآخر بتحريفه ، وثالث بتكذيب رواته ، ولم يلتفتوا إلى صحاحهم ومصادرهم المعتبرة ، فإنّها مليئة بفضائل أهل بيت العصمة والطهارة : ، وإكمالاً للفائدة سنورد نصّ ما ذكره ابن حجر في صواعقه المحرقة بخصوص هذا الحديث وتصحيحه له.
قال في صفحة ٢٢٤ : ومن ثمَّ صحّ أنّه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي».
وقال في صفحة ٢٣١ ـ ٢٣٢ : تنبيه : سمّى رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم القرآن وعترته ـ وهي بالمثنّاة الفوقية : الأهل والنسل والرهط الأدنون ـ : ثقلين ؛ لأنّ الثقل : كلّ نفيس خطير مصون ، وهذان كذلك ؛ إذ كلّ منهما معدن للعلوم اللدنية ، والأسرار والحِكَم العليّة ، والأحكام الشرعيّة ، ولذا حثَّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم على الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم ، وقال : «الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت».
وقيل : سمّيا ثقلين ؛ لثقل وجوب رعاية حقوقهما.
ثمّ الّذين وقع الحثّ عليهم منهم إنّما هم العارفون بكتاب الله وسُـنّة رسوله ؛ إذ هم الّذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ، ويؤيّده : «ولا تُعَلّموهم فإنّهم أعلم منكم».
وتميّزوا بذلك عن بقيّة العلماء ؛ لأنّ الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وشرّفهم بالكرامات الباهرة ، والمزايا المتكاثرة ، وقد مرّ بعضها ، وسيأتي الخبر الذي في قريش : وتعلّموا منهم فإنّهم أعلم منكم. فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت أوْلى منهم بذلك ؛ لأنّهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقيّة قريش.
وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ؛ ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض.