وأبشروا بسيف صارم ، وسطوة معتلّ غاشم ، وبهرج شامل دائم ، واستبداد من الظالمين يدع فيأكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً ، فيا حسرة لكم وأنّى بكم وقد عُمّيت عليكم (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (١)» (٢) ..
أي : لقد بدء تولّد انحراف الدين والنظام الاِسلامي عن مسيره ، وسينتج ذلك تفشّي الظلم والفساد في الأُمّة وهرج في مسيرها.
وهو ما حصل ؛ فإنّ الخليفة الأوّل عيّن يزيد بن أبي سفيان والياً على الشام ، كما جعل الولاة وأُمراء الجيش غالبهم من الحزب القرشي من مسلمة الفتح والطلقاء ، الّذين لم يفتؤوا يكيدوا للاِسلام عداءً ، وبالتالي فهو أوّل مَن وطّأ وأعدّ لمجيء بني أُمية إلى رأس السلطة ، والتسلّط على رقاب المسلمين والتحكّم بمصير الأُمّة.
وكذلك فعل الخليفة الثاني ؛ إذ عيّن معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام ، وعثمان ـ من البطن الأُموي ـ خليفة له من بعده ؛ بتوسّط معادلة شورى السـتّة الّذين عيّنهم ، والتي كانت واضحة الرجحان لصالح عثمان.
هذا مضافاً إلى ما قام به كلّ من الأوّل والثاني من السُنن الجائرة الحائدة عن سُـنن الله ورسوله ، فلم يبقيا من الاِسلام إلاّ اسمه ومن القرآن إلاّ رسمه ، كما ستأتي الاِشارة إلى جملة منها ..
وقد طفقت ثروات الحزب القرشي ـ حزب السقيفة ـ في عهد الأوّلين ، فضلاً عن الثالث ، تزيد من غنائم الفتوحات حتّى بلغت أرقاماً خيالية ، كما سنوافيك بقائمة ببعضها ، وساد التمييز الطبقي والعرقي مجتمع المسلمين ؛ فقُتل الخليفة الثاني بيد أحد الموالي ، بعد أن مات الأوّل في
____________
(١) سورة هود ١١ : ٢٨.
(٢) راجع : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ٢٢٣.