ظروف مريبة ، بسبب الاختلاف الذي جرى بين عصابة أصحاب السقيفة ، حتّى قام أهل بلاد الفتوح ـ وهم أهل مصر والعراق ـ إضافةً إلى أهل المدينة بقتل الثالث ، بسبب وصول فساد وضع المسلمين الداخلي إلى درجة المناداة بتقويم أو خلع الخليفة ..
روى الطبري من طريق عبـد الرحمن بن يسار أنّه قال : لمّا رأى الناس ما صنع عثمان كتب مَن بالمدينة من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله إلى مَن بالآفاق ، وكانوا قد تفرّقوا في الثغور : «إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزّ وجلّ تطلبون دين محمّـد صلى الله عليه وآله ، فإنّ دين محمّـد قد أفسده من خلفكم وتُرك ، فهلمّوا فأقيموا دين محمّـد صلى الله عليه وآله» (١) ..
ورواه ابن الأثير أيضاً ، إلاّ أنّه بهذا اللفظ : «فإنّ دين محمّـد قد أفسده خليفتكم فأقيموه» (٢) ..
ورواه ابن أبي الحديد بلفظ : «فاخلعوه» (٣).
وهذه الصحوة التي حصلت للمسلمين في قتل عثمان لم تكن نافعة تماماً لتستأصل الداء ؛ وذلك لأنّ أُسس الانحراف في الأُمّة وبنيان الفساد قد تمّ على طول عهد الثلاثة ، ولم تكن تلك البنى لتزول بسهولة ، كما سنشير إليها ، كما لم يكن الحال الموصوف في كلام الناس مختصّاً بعهد عثمان من أنّ دين محمّـد صلى الله عليه وآله قد أفسده الخليفة ..
فإلى مَ يدعو المسلمون الآخرين في الجهاد في سبيل الله عزّ وجلّ؟!
وهل هو جهاد في سبيل الله أم في سبيل الخلافة الفاسدة؟!
____________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ١١٥.
(٢) الكامل في التاريخ ٥ / ٧٠.
(٣) شرح نهج البلاغة ١ / ١٦٥ وج ٤ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.