وذكر فيها القتالُ رأيتَ الّذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت فأوْلى لهم) (١).
وقد فسّـر القرآن المرض الذي في قلوب هذه الفئة بأنّه : الضغينة وعداوة الحسد ؛ ففي تتمّة الآية السابقة : (طاعةٌ وقولٌ معروف فإذا عزم الأمر فلو صَدَقوا اللهَ لكان خيراً لهم * فهل عسيْتُم إن تولّيْتُم أن تُفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكم * أُولئك الّذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم * أفلا يتدّبرون القرآن أمْ على قلوبٍ أقفالُها* إنّ الّذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى الشيطانُ سوّلَ لهم وأملى لهم * ذلك بأنّهم قالوا للّذين كرهوا ما نزّلَ الله سنُطيعُكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفّتْهم الملائكة يضرِبون وجوهَهم وأدبارَهم * ذلك بأنّهم اتّبعوا ما أسخط اللهَ وكرِهوا رِضْوانَه فأحْبَطَ أعمالهم * أمْ حَسِبَ الّذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يُخرِج اللهُ أضغانَهم * ولو نشاءُ لأرَيْناكَهم فلعرفْتَهم بسيماهُم ولتعرِفَنّهم في لحن القول) (٢).
فهذه الآيات تفصح عن علاقة هذه الفئة بالكفّار ، وأنّها سوف تتقلّد الأُمور وتتسلّط على رؤوس المسلمين ، وأنّ سيرتها الاِفساد في الأرض ..
نظير ما تنبّأت به الآيات في سورة البقرة : (ومن الناس مَن يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهِدُ الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام * وإذا تولّى سعى في الأرض ليُفسِدَ فيها ويُهلِك الحرْثَ والنسلَ والله لايُحبّ الفساد * وإذا قيل له اتّقِ الله أخذتْهُ العزّةُ بالاِثم فحسْبُهُ جهنّمُ
____________
(١) سورة محمّـد صلى الله عليه وآله ٤٧ : ٢٠.
(٢) سورة محمّـد صلى الله عليه وآله ٤٧ : ٢١ ـ ٣٠.