ولبئس المِهاد) (١).
وتجد في سورة البقرة ٢ : ١٠ ، والتوبة ٩ : ١٢٥ ، والحجّ ٢٢ : ٥٣ ، والنور ٢٤ : ٥٠ بقية الأدوار التي قاموا بها ، وفي : (لئن لم ينْتهِ المنافقون والّذين في قلوبهم مرضٌ والمُرْجِفون في المدينة لنُغْرينّك بهم) (٢) دورهم في إعاقة سياسات الرسول صلى الله عليه وآله ومسيرته.
ويشير إلى ذلك ما روي في شرح نهج البلاغة : «قال له قائل : يا أمير المؤمنين! أرأيت لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم وآنس منه الرشد ، أكانت العرب تسلم إليه أمرها؟
قال : لا ، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلتُ ..
إنّ العرب كرهت أمر محمّـد صلى الله عليه وآله ، وحسدته على ما آتاه الله من فضله ، واستطالت أيّامه حتّى قذفت زوجـته ، ونفّرت به ناقته ، مع عظيم إحسانه إليها ، وجسيم مننه عندها ، وأجمعت مذ كان حيّاً على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته ، ولولا أنّ قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلى الرئاسة ، وسلّماً إلى العزّ والاِمرة ، لَما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً ، ولارتدّت في حافرتها وعاد تارحها جذعاً ، وبازلها بكراً.
ثمّ فتح الله عليها الفتوح فأثْرَت بعد الفاقة ، وتموّلت بعد الجهد والمخمصة ، فحسن في عيونها من الاِسلام ما كان سمجاً ، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً ، وقالت : لولا أنّه حقّ لَما كان كذا.
ثمّ نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الأَُمراء القائمين بها ، فتأكّد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكنّا نحن ممّن خمل
____________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٠٤ ـ ٢٠٦.
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦٠.