أحسّ عيسى منهم الكفرَ قال مَن أنصاري إلى الله) (١).
ثمّ إنّه عليه السلام بيّن عاملاً ثانياً لانشداد قريش لدين النبيّ صلى الله عليه وآله هو : غنائم الفتوح وما جلبته من ثراء ، وهو يبيّن نوايا أصحاب فتوح البلدان ، كما أنّه صلى الله عليه وآله يبيّن أنّ خطط فتوح البلدان كانت من تدبير النبيّ عليه السلام وأوامره وبشاراته في عدّة مواطن ، وتدبيره ورأيه هو صلى الله عليه وآله ..
وأنّ أسباب الفتح ترجع إلى عوامل عدّة لا صلة لها بالخلفاء الثلاثة ، كيف والثلاثة لا عهد لهم بالحروب وإدارتها وتدبيرها؟! إذ لم يسبق لهم خوض يذكر في القتال إلاّ ما في غزوة خيبر ؛ فقد ذكر المؤرّخون أنّ الأوّل والثاني انتدبهما النبيّ صلى الله عليه وآله لفتح الحصن ، كلّ منهما مع سرية ، فرجع كلّ منهما مع سريّته يجبّن الناس والناس يجبّنونه (٢).
____________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٤٩ ـ ٥٢.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٧٣؛ وفي كنز العمّال ١٣ / ١٢٢ رقم ٣٦٣٨٨ : عن ابن أبي ليلى ، بعد سؤاله عليّاً ٧ عن لبسه ثياب الشتاء في الصيف وثياب الصيف في الشتاء ، قال له عليه السلام : «ما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر؟!
قلت : بلى والله كنت معكم.
قال : فإن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بعث أبا بكر فسار بالناس ، فانهزم حتّى رجع ، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّى انتهى إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لأُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، يفتح الله له ، ليس بفرّار. ـ وهذا تعريض منه عليه السلام بالشيخين في كلا الوصفين ـ.
قال : فأرسل إليّ فدعاني ، فأتيته وأنا أرمد لا أُبصر شيئاً ، فدفع إليّ الراية ، فقلت : يا رسول الله! كيف وأنا أرمد لا أُبصر شيئاً؟!
قال : فتفل في عيني ثمّ قال : اللّهمّ اكفه الحرّ والبرد.
قال : فما آذاني بعد حرّ ولا برد».
ونقله عن ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبزّار ، وابن جرير وصحّحه ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم ، والبيهقي في الدلائل ، والضياء المقدسي.