ضمها ولا كسرها. قال أبو جعفر : وقد ذكرنا معناها إلّا أنّ في كتاب العين للخليل رحمهالله أنّ أصلها : «هل أؤمّ». أي هل أقصدك ثم كثر استعمالهم إياها حتى صار المقصود يقولها ، كما أن «تعالى» أصلها أن يقولها المتعالي للمتسافل فكثر استعمالها إياها حتى صار المتسافل يقول للمتعالي : تعالى.
(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١٥١)
(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ) جواب الأمر. (ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) (ما) في موضع نصب بالفعل. (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) الفراء يختار أن يكون (لا) للنهي لأن بعده (وَلا تَقْتُلُوا). قال أبو جعفر : ويجوز أن تكون «أن» في موضع نصب بدلا من «ما» أي أتل عليكم تحريم الإشراك ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى كراهة أن تشركوا ويكون المتلو عليهم (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) [الأنعام : ١٤٥] الآية ، ويجوز أن يكون في موضع رفع بمعنى هو أن لا تشركوا به شيئا. (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) مصدر. (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) أي من خوف الفقر. (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) نصب بالفعل. (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) بدل منها. (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) أي الأمر ذلكم ويجوز أن يكون بمعنى بيّن لكم وصاكم به. (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) لتكونوا على رجاء من ذلك.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١٥٢)
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) نهي كلّه فلذلك حذفت منه النون. (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) أي إذا عاهدتم الله جلّ وعزّ على شيء أو حلفتم لإنسان فأوفوا. (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) مثل الأول وأدغمت التاء في الذال لقربها منها ويجوز حذفها للدلالة.
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣)
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم وتقديرها عند الخليل وسيبويه (١) : ولأن هذا صراطي كما قال جلّ وعز : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ)
__________________
(١) انظر الكتاب ٣ / ١٤٦.