(١٦)
شرح إعراب سورة النحل
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١)
(أَتى أَمْرُ اللهِ) من أحسن ما قيل في معناه قول الضحاك إنه القرآن ، وقد قيل : إنه نصر النبي صلىاللهعليهوسلم. ومن قال : إنّه القيامة جعله مجازا على أحد أمرين يكون «أتى» بمعنى قرب ، ويكون «أتى» بمعنى يأتي إلّا أن سيبويه (١) لا يجيز أن يكون فعل بمعنى يفعل ويجيز أن يكون يفعل بمعنى فعل لأنه يكون محكيّا. (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) نهي فيه معنى التهديد.
(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ(٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣)
(أَنْ أَنْذِرُوا) قال أبو إسحاق : «أن» في موضع جرّ على البدل من الروح ، والتقدير : ينزل الملائكة بأن أنذروا أهل الكفر والمعاصي أي حذّروهم بأنه (لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) ثمّ دلّ جلّ وعزّ على توحيده فقال جل ثناؤه : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
(وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٥)
(وَالْأَنْعامَ) نصب بإضمار فعل ، ويجوز الرفع في غير القرآن.
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨)
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ) أي وجعل لكم ، وقال الفراء (٢) : هي ردّ على خلق. قال : وإن شئت كانت بمعنى وسخّر. قال : ويجوز الرفع من وجهين : أحدهما أنه لم يكن معها فعل رفعت ، والآخر أنه لمّا كان يجوز والأنعام بالرفع توهّمت أنه مرفوع رفعت. (وَزِينَةً) قال الأخفش والفراء (٣) : أي وجعلها زينة. قال الفراء : ويجوز أن
__________________
(١) انظر الكتاب ٣ / ٢٣.
(٢) و (٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٩٧.