(٩)
شرح إعراب سورة براءة
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١)
من ذلك قوله جلّ وعزّ (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ).
رفع بالابتداء ، والخبر (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). وحسن الابتداء بالنكرة لأنها قد وصلت ، ويجوز أن ترفع براءة على أنها خبر ابتداء محذوف. يقال : برئت من العهد والدّين والرجل براءة ، وبرأت من المرض أبرأ ، ولا يعرف فعلت أفعل مما لامه همزة إلا هذا ويقال : برئت من المرض أبرأ برءا وبرءوا ، وبريت القلم وأبريت الناقة جعلت في أنفها برة. وهي حلقة من حديد ، فإن كانت من خشب فهي خشاش ، وإن كانت من شعر فهي خزامة. والوقف براءه بالهاء. قال سيبويه : أرادوا أن يفرقوا بين هذه التاء والتاء التي هي من نفس الحرف نحو تاء القت. قال : وزعم أبو الخطاب أنّ ناسا من العرب يقولون : طلحت كما فعلوا بتاء الجميع. (مِنَ اللهِ) فتحت النون لالتقاء الساكنين هذه اللغة الفصيحة ، وللنحويين فيها أقوال : قال الكسائي : أصل (من) منا حذفوا الألف وأبقوا الفتحة ، وقيل : كرهوا الجمع بين كسرتين فحركوها في أكثر المواضع بالفتح. قال أبو جعفر : وأحسن ما قيل في هذا قول سيبويه(١) قال : لمّا كثر استعمالهم لها ولم يكن فعلا وكان الفتح أخفّ عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف. قال سيبويه : وناس من العرب يكسرون فيقولون : من الله على القياس. قال أبو حاتم : زعم هارون أن أبا عمرو بن العلاء قرأ براءة من الله إلى الذين عاهدتم (٢) وإن شئت قلت : عاهدتمو على الأصل والحذف لأن الواو ثقيلة.
(فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) (٢)
(فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ) قال الكسائي : المصدر سيوحا وسيحانا وسياحة. قال الفراء : وساح الماء سيحا. (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أثبت الهاء فرقا بين المذكر والمؤنث. قال أبو جعفر :
__________________
(١) انظر الكتاب ٤ / ٢٦٥.
(٢) انظر مختصر ابن خالويه ٥١.