وقد ذكرناه ، وذكرنا ما هذه الشهور (١). (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ) في موضع نصب باعلموا وإن شئت قلت: أنّكمو كما تقدّم غير معجزي الله حذفت النون للإضافة. ويجوز على قول سيبويه أن تحذفها لالتقاء الساكنين وتنصب.
(وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣)
(وَأَذانٌ مِنَ اللهِ) عطف على براءة. (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) ظرف وقد ذكرنا ما قيل فيه ، والحجّ الأصغر العمرة. (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) في موضع نصب ، والتقدير «بأن الله» ، ومن قرأ إنّ الله قدّره بمعنى قال إنّ الله ، (بَرِيءٌ) خبر. (وَرَسُولِهِ) عطف على الموضع ، وإن شئت على المضمر كلاهما حسن لأنه قد طال الكلام ، وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (٢) عطف على اللفظ.
(إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥)
(إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) في موضع نصب بالاستثناء.
قال الأخفش التقدير واقعدوا لهم على كل مرصد وحذفت «على» قال أبو جعفر : قد حكى سيبويه : ضرب الظهر والبطن ، بحذف «على» إلّا أنّ (كُلَّ مَرْصَدٍ) نصبه على الظرف جيّد كما تقول :
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) (٦)
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) أي من القتل و (أَحَدٌ) مرفوع بإضمار فعل كالذي بعده وهذا حسن في «إن» وقبيح في أخواتها ، ومذهب سيبويه في الفرق بين إن وأخواتها أنها لمّا كانت أمّ حروف الشرط لأنها لا تكون لغيره خصّت بهذا ، وقال محمد بن يزيد : أما قوله لأنها لا تكون في غيره فغلط لأنها تكون بمعنى «ما» ،
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٥ / ٨٠.
(٢) انظر البحر المحيط ٤ / ٨.