دينه الذي يجب أن يتّبعه لست منهم في شيء فأوجب براءته منهم إنما أمرهم إلى الله تعزية للنبيصلىاللهعليهوسلم.
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٦٠)
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) ابتداء وهو شرط والجواب (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) أي فله عشر حسنات أمثالها وحكى سيبويه (١) : عندي عشرة نسّابات أي عندي عشرة رجال نسابات ، وقرأ الحسن وسعيد بن جبير والأعمش (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٢) وتقديرها : فله حسنات عشر أمثالها أي له من الجزاء عشرة أضعاف مما يجب له ويجوز أن يكون له مثل ويضاعف المثل فيصير عشرة. (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) خبر ما لم يسمّ فاعله.
(قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٦١)
(قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً) قال الأخفش : هو نصب بهداني وقال غيره : هو نصب بمعنى عرّفني مثل : هو يدعه تركا. قال أبو إسحاق : ويجوز أن يكون محمولا على المعنى لأن المعنى هداني صراطا مستقيما كما قال جلّ وعزّ (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) [الفتح : ٢] : (قِيَماً) من نعمته وقيّما أعلّ على الإتباع. (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) بدل. (حَنِيفاً) قال أبو إسحاق : هو حال من إبراهيم وقال علي بن سليمان : هو نصب بإضمار أعني.
(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦٢)
(قُلْ إِنَّ صَلاتِي) اسم «إنّ». (وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي) عطف عليه وقرأ أهل المدينة (وَمَحْيايَ) (٣) بإسكان الياء في الإدراج وهذا لم يجزه أحد من النحويين إلا يونس لأنه جمع بين ساكنين وإنما أجازه يونس لأن قبله ألفا والألف المدّ التي فيها تقوم مقام الحركة وأجاز يونس اضربان زيدا وإنما منع النحويون هذا لأنه جمع بين ساكنين وليس في الثاني إدغام ، ومن قرأ بقراءة أهل المدينة وأراد أن يسلم من اللحن وقف على «محياي» فيكون غير لاحن عند جميع النحويين ، وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وعاصم الجحدري (وَمَحْيايَ وَمَماتِي) (٤) بالإدغام وهذا وجه جيد في العربية لمّا كانت الياء يغيّر
__________________
(١) انظر الكتاب ٤ / ٤٦.
(٢) انظر البحر المحيط : ٤ / ٢٦١ ، ومختصر ابن خالويه ٤١.
(٣) انظر تيسير الداني ٨٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٦٢.
(٤) انظر البحر المحيط ٤ / ٢٦٢.