(وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) (١) هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي ، وقرأ عاصم الجحدري (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) (٢) وقرأ أبو عمرو والأعرج (قُتِلُوا) وعن الحسن أنه قرأ قتلوا (٣) مشددة. قال أبو جعفر : والقراءة الأولى عليها حجّة الجماعة ، وهي أبين في المعنى وقد زعم بعض أهل اللغة أنه يختار أن يقرأ «قاتلوا» لأنه إذا قرأ «قتلوا» لم يكن الثواب إلا لمن قتل ، وإذا قرأ قتلوا لم يكن الثواب إلا لمن قتل وإذا قرأ قاتلوا عم الجماعة بالثواب وهذه لعمري احتجاج حسن ، غير أن أهل النظر يقولون : إذا قرئ الحرف على وجوه فهو بمنزلة آيات كل واحدة تفيد معنى ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم «أوتيت جوامع الكلم» (٤).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) (٧)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) قيل : المعنى : إن تنصروا دين الله وأولياءه فجعل ذلك نصرة له مجازا ينصركم في الآخرة أي يدفع الشدائد عنكم. وروى الضحاك عن ابن عباس : ينصركم على عدوكم. (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) قيل : في موضع الحساب بأن يجعل الحجّة لكم.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (٨)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) في موضع رفع بالابتداء ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار فعل يفسّره (فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) معطوف على الفعل المحذوف.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٩)
قال أبو إسحاق : كرهوا نزول القرآن ونبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) (١٠)
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) في موضع نصب على أنه جواب ، ويجوز أن يكون في موضع جزم على أنه معطوف ، والجزم والنصب علامتهما حذف النون. (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ) اسم كان ولم يقل : كانت لأنه تأنيث غير حقيقي وخبر «كان» في «كيف» (وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) روى الضحاك عن ابن عباس قال : عذاب ينزل من السّماء ولم يكن
__________________
(١) و (٢) و (٣) انظر تيسير الداني ١٦٢ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٦٠٠.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه ، المساجد ٧ ، ٨ ، وأحمد في مسنده ٢ / ٢٥٠ ، وذكره ابن كثير في تفسيره ٤ / ٧٢ ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٧ / ١١٣ ، وأبو نعيم في دلائل النبوة ١ / ١٤ ، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٢٠٦٨).