وَأَدْبارَهُمْ) قال مجاهد : أي وأستاههم ولكن الله جلّ وعزّ كريم يكنّى.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٢٨)
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ) أي ذلك جزاؤهم بأنّهم اتّبعوا الشيء أسخط الله من ترك متابعة النبيّ صلىاللهعليهوسلم (وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ) أي اتّباع شريعته والإيمان به (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) أي فأحبط ذلك ، ويجوز أن يكون المعنى : فأحبط الله جلّ وعزّ ما عملوا من خير بكفرهم.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) (٢٩)
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) عن ابن عباس قال : هم المنافقون قال : والمرض الشكّ والتكذيب (أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) قال : عداوتهم للمؤمنين قال محمد بن يزيد : الضغن ما تضمره من المكروه وقد ضغنت عليه واضطغنت.
(وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) (٣٠)
(وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) ويقال في معناه سيمياء (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) عن ابن عباس قال : فما رأى النبيّ صلىاللهعليهوسلم منافقا فخاطبه إلا عرفه قال محمد بن يزيد : في لحن القول في فحواه وفي قصده من غير تصريح ، قال : وقريب من معناه التعريض. وفي الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم «إنكم تختصمون إليّ ولعلّ بعضكم يكون ألحن بحجّته من صاحبه فأقضي له على قدر ما أسمع. فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار» (١) قال محمد بن يزيد : معنى «ألحن بحجّته» أقصد وأمضى فيها. قال : ومنه قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم للسّعدين (٢) حين وجّههما إلى بني قريظة «إن أصبتماهم على العهد فأعلنا ذلك وإن أصبتماهم على غير ذلك فالحنا لي لحنا أعرفه ولا تفتّا في أعضاد المسلمين» (٣).
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) (٣١)
الابتلاء في اللغة الاختبار فقيل : المعنى : لنشدّدنّ عليكم في التعبّد ، وذلك في الأمر بالجهاد ، والنهي عن المعاصي. يدلّ على ذلك حتّى نعلم المجاهدين منكم
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ٣ / ٢٣٥ ، و٩ / ٣٢ ، ومسلم في الأقضية ٤ ، وأحمد في مسنده ٦ / ٢٠٣ ، وذكره السيوطي في جمع الجوامع (٧٥٣٤) ، والشافعي في مسنده ١٥٠ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٤٥٣٦.
(٢) السعدان : هما سعد بن معاذ وسعد بن عبادة.
(٣) انظر السيرة النبوية لابن هشام ٣ / ٢٢١.