(وَأَدْبارَ السُّجُودِ) بفتح الهمزة جعلوه جمع دبر ، ومن قال : إدبار جعله مصدرا من أدبر وأجمعوا جميعا على الكسر في (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) [الطور : ٤٩] فذكر أبو عبيد أنّ السجود لا ادبار له. وهذا مما أخذ عليه ، لأن معنى و (أَدْبارَ السُّجُودِ) وما بعده وما يعقبه فهذا للسجود ، والنجوم والإنسان واحد. وقد روى المحدّثون الجلّة تفسير (وَأَدْبارَ السُّجُودِ)(وَإِدْبارَ النُّجُومِ) فلا نعلم أحدا منهم فرّق ما بينهما.
(وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (٤١)
وقرأ عاصم والأعمش وحمزة والكسائي (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (١) بغير ياء في الوصل والوقف ، وهو اختيار أبي عبيد اتباعا للخط. وقد عارضه قوم فقالوا : ليس في هذا تغيير للخط ؛ لأن الياء لام الفعل فقد علم أن حقّها الثبات. قال سيبويه : والجيّد في مثل هذا إثبات الياء في الوقف والوصل قال : ويجوز حذفها في الوقف. قال أبو جعفر : ذلك أنك تقول مناد ثم تأتي بالألف واللام فلا تغيّر الاسم عن حاله ، فأما معنى (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (٤١).
فقيل فيه : أي حين يوم. قال كعب : المنادي ملك ينادي من مكان قريب ، من صخرة بيت المقدس بصوت عال يا أيّتها العظام البالية والأوصال المتقطعة اجتمعي لفصل القضاء.
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (٤٢)
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ) أي بالاجتماع للحساب (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) من قبورهم.
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) (٤٣)
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) حذف المفعول أي نحيي الموتى ونميت الأحياء (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) أي المرجع.
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) (٤٤)
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) العامل في «يوم» المصير أي وإلينا مصيرهم يوم تتشقّق و (تَشَقَّقُ) أدغمت التاء في الشين ، ومن قال : تشقّق حذف التاء ، (سِراعاً) على الحال ، قيل : من الهاء والميم ، وقيل لا يجوز الحال من الهاء والميم لأنه لا عامل فيها ، ولكن التقدير فيخرجون سراعا (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) أي سهل.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٢٩.