(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٤٩)
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) قيل : التقدير ومن كلّ شيء خلقنا خلقنا زوجين. قال مجاهد : في الزوجين : الشقاء والسعادة والهدى والضلالة والإيمان والكفر. وقال ابن زيد : الزوجان : الذكر والأنثى. وجمعهما الفراء (١) فقال : الزوجان والحيوان الذكر والأنثى ومن غيرهم الحلو والحامض وما أشبه ذلك. (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي فتعتبرون وتعلمون أنّ العبادة لا تصلح إلا لمن خلق هذه الأشياء.
(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥٠)
(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) أي إلى طاعته ورحمته من معصيته وعقابه (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي مخوف عقابه من عصاه.
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥١)
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) أي معبودا آخر إذا كانت العبادة لا تصلح إلّا له (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي أخوف من عبد غيره عذابه وجاء (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) مرتين ، وليس بتكرير ؛ لأنه خوّف في الثاني من عبد غير الله جلّ وعزّ وفي الأول من لم يفرّ إلى طاعة الله ورحمته فهذا قد يكون للموحدين.
(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٥٢)
تكون الكاف في موضع رفع أي الأمر كذلك ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى كذلك فعل الذين من قبل قريش ما أتاهم من رسول إلّا قالوا له هذا.
(أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (٥٣)
(أَتَواصَوْا بِهِ) أي هل أوصى بعضهم بعضا بهذا (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) المعنى : لم يتواصوا به بل هم قوم طغوا واعتدوا فخالفوا أمر الله جلّ وعزّ ونهيه.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) (٥٤)
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) قال مجاهد : أي أعرض والتقدير : أعرض عنهم حتّى يأتيك أمرنا فيهم فأتاه الأمر بقتالهم. (فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) أي لا تلحقك لائمة من ربّك جلّ وعزّ في تفريط كان منك في إنذارهم فقد أنذرتهم وبلّغتهم.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٨٩.