(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥)
(وَذَكِّرْ) أي عظهم. (فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) ويجوز ينفع لأن الذكرى والذكر واحد.
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (٥٦)
قيل : يراد هاهنا المؤمنون خاصة. واحتجّ صاحب هذا القول بأنه يلي المؤمنين فأن يكون الضمير يليهم أولى. ومعنى هذا يروى عن زيد بن أسلم قال : وهذا مذهب أكثر أصحاب الحديث ، وقال القتبي : هو مخصوص فهذا هو ذلك القول إلا أن العبارة عنه ليست بحسنة. وقيل في الآية: ما روي عن ابن عباس أن العبادة هنا الخضوع والانقياد ، وليس مسلم ولا كافر إلا وهو خاضع لله جلّ وعزّ منقاد لأمره طائعا أو كارها فيما جبله عليه من الصحّة والسقم والحسن والقبح والضيق والسعة.
(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (٥٧)
(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) «ما» في موضع نصب و «من» زائدة للتوكيد. (وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) حذفت النون علامة النصب ، وحذفت الياء لأن الكسرة دالة عليها ، وهو رأس آية فحسن الحذف.
(إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥٨)
(إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) أي الرّزاق خلقه المتكفل بأقواتهم. (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) بالرفع قرأ به من تقوم بقراءته الحجّة على أنه نعت للرزاق ولذي القوة أو على أنه خبر بعد خبر أو على إضمار مبتدأ أو نعت لاسم «إنّ» على الموضع. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس (الْمَتِينُ) الشديد. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (١) بالخفض على النعت للقوة. وزعم أبو حاتم أن الخفض على قرب الجوار. قال أبو جعفر ؛ والجوار لا يقع في القرآن ولا في كلام فصيح ، وهو عند رؤساء النحويين غلط ممن قاله من العرب. ولكن القول في قراءة من خفض أنه تأنيث غير حقيقي. والتقدير فيه عند أبي إسحاق : ذو الاقتدار المتين لأن الاقتدار والقوة واحد ، وعند غيره بمعنى ذو الإبرام المتين.
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) (٥٩)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٤١ ، ومعاني الفراء ٣ / ٩٠.