كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لا يدخل أحد الجنّة بعمله» قيل : ولا أنت يا رسول الله قال : «ولا أنا إلّا أن يتغمّدني الله منه برحمته» (١).
(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢٨)
هذه قراءة أبي عمرو وعاصم والأعمش وحمزة ، وقرأ أبو جعفر ونافع والكسائي (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢) قال أبو جعفر : والكسر أبين لأنه إخبار بهذا فالأبلغ أن يبتدأ ، والفتح جائز ومعناه ندعوه لأنه أو بأنه. وقد عارض أبو عبيد هذه القراءة لأنه اختار الكسر ولأن معناها ندعوه لهذا ، وهذه المعارضة لا توجب منع القراءة بالفتح لأنهم يدعونه لأنه هكذا. وهذا له جلّ وعزّ دائم لا ينقطع. فنظير هذا لبّيك أنّ الحمد والنعمة لك ، بفتح إن وكسرها. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) قال : اللطيف بعباده ، وقال غيره : الرحيم بخلقه ولا يعذّبهم بعد التوبة.
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (٢٩)
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ) قال أبو إسحاق : أي لست تقول قول الكهان. (وَلا مَجْنُونٍ) عطف على بكاهن ، ويجوز النصب على الموضع في لغة أهل الحجاز ، ويجوز الرفع في لغة بني تميم على إضمار مبتدأ.
(أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) (٣٠)
(أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ) على إضمار مبتدأ. (نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) قال أبو جعفر : قد ذكرناه.
(قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) (٣١)
(قُلْ تَرَبَّصُوا) أي تمهّلوا وانتظروا. (فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) حتّى يأتي أمر الله جلّ وعزّ فيكم.
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (٣٢)
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا) قال ابن زيد : كانوا في الجاهلية يسمّون أهل الأحلام فالمعنى أم تأمرهم أحلامهم بأن يعبدوا أوثانا صمّا بكما ، وقيل : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ) أن يقولوا لمن جاءهم بالحق والبراهين والنهي عن المنكر والأمر بالمعروف (شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ). وزعم الفراء أن الأحلام هاهنا العقول والألباب (أَمْ هُمْ قَوْمٌ
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢ / ٢٥٦ ، وذكره ابن حجر في فتح الباري ٢ / ٣٣٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ١٤٧ ، وهذه قراءة الحسن أيضا ، وتيسير الداني ١٦٥.