طاغُونَ) أي لم تأمرهم أحلامهم بهذا بل جاوزوا الإيمان إلى الكفر.
(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٣)
أي ليس يأتون ببرهان أنه تقوّل واختلقه بل لا يصدّقون والكوفيون يقولون إنّ «بل» لا تكون إلا بعد نفي فهم يحملون الكلام على هذه المعاني فإن لم يجدوا ذلك لم يجيزوا أن يأتي بعد الإيجاب.
(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) (٣٤)
أي إن كانوا صادقين في أنه تقوّله فهم أهل اللسان واللغة فليأتوا بقرآن مثله.
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) (٣٥)
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) فيه أجوبة فمن أحسنها أم خلقوا من غير أب ولا أم فيكونوا حجارة لا عقول لهم يفهمون بها. وقيل المعنى : أم خلقوا من غير صانع صنعهم فهم لا يقبلون من أحد. (أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) أي هم الأرباب فللربّ الأمر والنهي.
(أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) (٣٦)
(أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي هل هم الذين خلقوا السموات والأرض فلا يقرّوا بمن لا يشبهه شيء (بَلْ لا يُوقِنُونَ) قيل المعنى لا يعلمون ولا يستدلّون ، وقيل : فعلهم فعل من لا يعلم. ومن أحسن ما قيل فيه أنّ المعنى : لا يوقنون بالوعيد وما أعدّ الله جلّ وعزّ من العذاب للكفّار يوم القيامة فهم يكفرون ويعصون لأنهم لا يوقنون بعذاب ذلك.
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (٣٧)
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ) أي فيستغنوا بها. (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : المسيطرون المسلّطون. والمسيطر (١) في كلام العرب المتجبّر المتسلط المستكبر على الله جلّ وعزّ ، مشتقّ من السطر كأنه الذي يخطر على الناس منعه مما يريد. وأصله السين ويجوز قلب السين صادا ؛ لأن بعدها طاء ، وعلى هذا السواد في هذا الحرف.
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٣٨)
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٦٥ ، والبحر المحيط ٨ / ١٤٩ (قراءة الجمهور بالصاد وهشام وقنبل وحفص بالسين).