والمعنى عليه ، والإعراب يقويه. وزعم الفراء (١) أن المعنى فاستوى محمد صلىاللهعليهوسلم وجبريل عليهالسلام فجعل «وهو» كناية عن جبرائيل عليهالسلام وعطف به على المضمر. قال أبو جعفر : في هذا من الخطأ ما لاحقا به عطف على مضمر مرفوع لا علامة له ومثله مررت بزيد جالسا وعمرو ، ويعطف به على المضمر المرفوع. وهذا ممنوع من الكلام حتّى يؤكّد المضمر أو يطول الكلام ثم شبّهه بقوله : (أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا) [النمل : ٦٧] وهذا التشبيه غلط من جهتين ، إحداهما أنه قد طال الكلام هاهنا وقام المفعول به مقام التوكيد. والجهة الأخرى أنّ النون والألف قد عطف عليهما هاهنا ، وقولك : قمنا وزيد أسهل من قولك : قام وزيد ، وأيضا فليس المعنى على ما ذكر.
(ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) (٨)
شبّهه الفراء (٢) بقوله جلّ وعزّ : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر : ١] لأن المعنى : انشقّ القمر واقتربت الساعة. قال أبو جعفر : وهذا التشبيه غلط بيّن ؛ لأن حكم الفاء خلاف حكم الواو لأنها تدلّ على أن الثاني بعد الأول ، فالتقدير ثم دنا فزاد في القرب.
(فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) (٩)
قال أبو جعفر : وهذا أيضا مما يشكل في العربية لأن «أو» لا يجوز أن تكون بمعنى الواو لاختلاف ما بينهما ، ولا بمعنى «بل» لما ذكرنا. وأن الاختصار يوجب غير ذلك فالتقدير فكان بمقدار ذلك عندكم لو رأيتموه قدر قوسين أو أدنى ، كما روي عن ابن مسعود قال : فكان قدر ذراع أو ذراعين. قال أبو جعفر : القاد والقيد والقاب والقيب والقدر والقدر.
(فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (١٠)
في معناه قولان : روى هشام الدستوائي عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال : عبده محمد صلىاللهعليهوسلم فتأوّل هذا على المعنى فأوحى إلى عبده محمد صلىاللهعليهوسلم. والقول الأخر أن المعنى فأوحى جبرائيل إلى محمد صلىاللهعليهوسلم عبد الله وهو قول جماعة من أهل التفسير منهم ابن زيد قال : وهذا أشبه بسياق الكلام لأن ما قبله وما بعده أخبار عن جبرائيل صلىاللهعليهوسلم ومحمد صلىاللهعليهوسلم فلا يخرج ذلك عنهما إلى أحد إلّا بحجة يجب التسليم بها.
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (١١) (٣)
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٩٥.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ٩٦.
(٣) انظر القراءات في البحر المحيط ٨ / ١٥٦ ، وتيسير الداني ١٦٦.