الْمَأْوى) (١) فتقديره جنّة سواد الليل. وهي قراءة شاذة قد أنكرها الصحابة سعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر. وقال ابن عباس : هي مثل (جَنَّاتُ الْمَأْوى) [السجدة : ١٩] حجّة بيّنة مع إجماع الجماعة الذين تقوم بهم الحجة ، وأيضا فإنه يقال : أجنّة الليل ، وجنّ عليه ، ولغة شاذة جنّة الليل.
(إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) (١٧)
(إِذْ) متصلة براه. قال الربيع بن أنس : غشيها نور الرب والملائكة واقعة على الأشجار كالغربان ، وكذا قال أبو العالية ويقال : إنه عن أبي هريرة مثله وزاد فيه. فهنالك كلّمه ربه جلّ وعزّ قال له سل : (ما زاغَ الْبَصَرُ) أي ما حاد يمينا وشمالا متحيّرا. (وَما طَغى) أي وما تجاوز ذلك من غير أن يتبيّنه.
(لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (١٨)
قال ابن زيد : رأى جبرائيل صلىاللهعليهوسلم على صورته في السماء.
(أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (٢٠)
قال الكسائي : الوقوف عليه اللّاه ، وقال غيره : الوقوف عليه اللّات. اشتقّوه من اسم الله جلّ وعزّ. وهو مكتوب في الصحف بالتاء. واشتقّوا العزّى من العزيز (وَمَناةَ) (٢) من منى الله عزوجل عليه الشيء أي قدّره (الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) نعت لمناة.
(أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) (٢١)
يجوز أن يكون مقدّما ما ينوى به التأخير ، ويكون المعنى إن الّذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى. أي يقولون هم بنات الله عزوجل ألكم الذكر الذي ترضوانه وله الأنثى التي لا ترضونها.
(تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢)
يقال : ضازه يضيزه ويضوزه إذا جار عليه.
(إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ) (٢٣)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٥٧ (وقرأ علي وأبو الدرداء وأبو هريرة وابن الزبير وأنس وزرّ ومحمد بن كعب وقتادة (جنّه) بها الضمير ، وجنّ فعل ماض ، والهاء ضمير يعود إلى النبيّ ، أي : عندها ستره إيواء الله تعالى وجميل صنعه).
(٢) انظر تيسير الداني ١٦٦ (ابن كثير «ومناءة» بالمدج والهمز والباقون بغير مدّ ولا همز).