(إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (٢٣) قولهم الأوثان الهة والملائكة بنات الله. (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) أي من حجّة ولا وحي ، وإنما هو شيء اخترفتموه. (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) أي ما يتّبعون في هذه التسمية إلّا الظنّ وهواهم. (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) أي البيان بأن لا معبود سواه وأن عبادة هذه الأشياء شرك وكفر.
(أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) (٢٤)
قيل : أي ليس له ذلك ، وقال ابن زيد : أي إن كان محمد صلىاللهعليهوسلم تمنّى شيئا فهو له. وشرح هذا القول إن كان محمد صلىاللهعليهوسلم تمنّى الرسالة فقد أعطاه الله جلّ وعزّ فلا تنكروه.
(فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) (٢٥)
يعطي من شاء ما يشاء.
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) (٢٦)
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ) لو حذفت «من» لخفضت أيضا لأنه خبر و «كم» تخفض ما بعدها في الخبر مثل «ربّ» إلا أنّ «كم» للكثير وربّ للقليل. (لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) في هذا تنبيه لهم وتوبيخ ؛ لأنهم قالوا (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] فأخبر الله جلّ وعزّ أنّ الملائكة صلوات الله عليهم وسلّم الذين هم أفضل الخلق عند الله جلّ وعزّ وأكثرهم عملا بالطاعة لا تغني شفاعتهم شيئا إلّا من بعد إذن الله عزوجل ورضاه فكيف تشفع الأصنام لهم.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٢٨)
هو قولهم هم بنات الله عزوجل. ما لهم بذلك من علم (مِنْ) زائدة للتوكيد والموضع موضع رفع (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) أي لا ينفع من الحقّ ولا يقوم مقامه.
(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا) (٢٩)
أي فدع من تولّى عن ذكرنا ولم يؤمن ولم يوحّد ولم يرد ثواب الآخرة ولم يرد إلا زينة الحياة الدنيا.
(ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) (٣٠)
(ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) قال ابن زيد : ليس لهم علم إلّا الّذي هم فيه من الشرك