أضللت أباك ونسبته إلى الكفر وأنت بتنصيرهم أولى فقال : خفت عذاب الله ، فقال : أعطني شيئا وأنا أتحمّل عنك العذاب فأعطاه شيئا قليلا فتعاسر وأكدى ، وكتب له كتابا وأشهد له على نفسه أنه يتحمّل عنه العذاب فنزلت (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى).
(وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) (٣٤)
أي عاسره ، وعن ابن عباس «أكدى» منع ، وقال مجاهد : قطع.
(أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) (٣٥)
أي أعلم أن هذا يتحمّل عنه العذاب ، كما قال ويرى بمعنى يعلم حكاه سيبويه.
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (٣٧)
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) (٣٦) (وَإِبْراهِيمَ) أنه لا يعذّب أحد من أحد. وروى عكرمة عن ابن عباس (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (١) قال : كان قبل إبراهيم عليهالسلام فيؤخذ موضع رفع أي ذلك (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ، والتقدير عند مجاهد : وفّى بما افترض عليه. قال محمد بن كعب : وفّى بذبح ابنه. وأولى ما قيل في معنى الآية بالصواب ما دلّ عليه عمومها أي وفّى بكل ما افترض عليه بشرائع الإسلام ، ووفّى في العربية للتكثير.
(أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٣٨)
«أن» في موضع نصب على البدل من «ما» ، ويجوز أن يكون في موضع رفع أي ذلك (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) والتقدير عند سيبويه أنه لا تزر وازرة. يقال : وزر يزر حمل الوزر.
(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى) (٣٩)
بمعنى وأنه أيضا أي يجازى إنسان إلا بما عمل.
(وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (٤٠)
أن يظهر الناس يوم القيامة على ما عمله من خير أو شرّ لأنه يجازى عليه. قال أبو إسحاق: ويجوز (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (٤٠) قال : وهذا عند الكوفيين لا يجوز منعوا أنّ زيدا ضربت ، واعتلوا في ذلك بأنه خطأ ؛ لأنه لا يعمل في زيد عاملان وهما «أنّ»
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٦٤ (قرأ الجمهور وفّى بتشديد الفاء ، وقرأ أبو أمامة الباهلي وسعيد بن جبير وأبو مالك الغفاري وابن السميفع وزيد بن علي بتخفيفها).