ويقال : أعيان ، مثل بيت وأبيات. (جَزاءً) مصدر. (لِمَنْ كانَ كُفِرَ) في معناه أقوال. قال ابن زيد : «من» بمعنى «ما» ، وتقديره عنده للذي كفر من النعم وجحد. قال : وهذا يمنعه أهل العربية جميعا ، ومذهب مجاهد. أن المعنى جزاء لله. قال أبو جعفر : وهذا قول حسن أي عاقبناهم وعرفناهم جزاء لله جلّ وعزّ حين كفروا به وجحدوا وحدانيته فقالوا لا تذرنّ الهتكم ولا تذرنّ ودّا ولا سواعا ، وقيل : جزاء لمن كان كفر على لفظ «من» ، ولو كان في غير القرآن لجاز على هذا القول كفروا على المعنى.
(وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٥)
(وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) قيل : المعنى : ولقد تركنا هذه العقوبة لمن كفر وجحد الأنبياءصلىاللهعليهوسلم عظة وعبرة ، ومذهب قتادة ولقد تركنا السفينة آية. (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هذه قراءة الجماعة وهي صحيحة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كما رواه شعبة وغيره عن ابن إسحاق عن الأسود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) بالدال غير معجمة ، وقال يعقوب القارئ : قرأ قتادة فهل من مذّكر (١) بالذال معجمة. قال أبو جعفر : مدّكر أولى لما ذكرنا من الاجتماع في العربية والأصل عند سيبويه (٢) مذتكر فاجتمعت الذال وهي مجهورة أصلية والتاء وهي مهموسة زائدة فأبدلوا من التاء حرفا مجهورا من مخرجها فصار مذدكر ، فأدغمت الذال في الدال فصار مدّكر ، ممن قال مذّكر أدغم الدال في الذال ، وليس على هذا كلام العرب إنما يدغمون الأول في الثاني.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (١٦)
أي فكيف كان عقابي لمن كفر بي وعصاني وبإنذاري وتحذيري من الوقوع في مثل ذلك.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٧)
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) قال ابن زيد : أي بيّنا ، وقال مجاهد : هوّنّا ، وقيل : التقدير : ولقد سهّلنا القرآن بتبييننا إياه وتفصيلنا لمن أراد أن يتذكّره فيعتبر به. (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يتذكّر ما فيه ، وقيل هل من طالب خيرا أو علما فيعان عليه ، فهذا قريب من الأول لأن الأول أبين على ظاهر الآية.
(كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (١٨)
(كَذَّبَتْ عادٌ) قال أبو جعفر : في هذا حذف قد عرف معناه أي كذّبت عاد هودا
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٧٦.
(٢) انظر الكتاب ٤ / ٦٠١.