تجعله العرب حوالى الغنم مخافة السبع. والتقدير في العربية كهشيم الرجل المحتظر ، ومن قرأ (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) (١) فتقديره كهشيم الشيء الذي قد احتظر.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ) (٣٣)
أي بالآيات التي أنذروا بها.
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) (٣٤)
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) أي حجارة تحصبهم. (إِلَّا آلَ لُوطٍ) نصب على الاستثناء ، وال الرجل كلّ من كان على دينه ومذهبه كما قال جلّ وعزّ لنوح صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) [هود : ٤٦] وهو ابنه وال بمعنى واحد ، إلّا أن النحويين يقولون : الأصل في ال أهل ، والدليل على ذلك أنّ العرب إذا صغّرت الا قالت : أهيل. (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) قال الفراء (٢) : سحر هاهنا يجري ؛ لأنه نكرة كقولك : نجّيناهم بليل. قال أبو جعفر : وهذا القول قول جميع النحويين لا نعلم فيه اختلافا إلّا أنه قال بعده شيئا يخالف فيه قال : فإذا ألقت العرب من سحر الباء لم يجروه فقالوا : فعلت هذا سمر يا هذا. قال أبو جعفر : وقول البصريين أنّ سحر إذا كان نكرة انصرف وإذا كان معرفة لم ينصرف ، ودخول الباء وخروجها واحد. والعلّة فيه عند سيبويه (٣) أنه معدول عن الألف واللام لأنه يقال : أتيتك أعلى السّحر فلما حذفت الألف واللام وفيه نيتهما اعتلّ فلم ينصرف تقول : سير بزيد سحر يا هذا ، غير مصروف. ولا يجوز رفعه لعلّة ليس هذا موضع ذكرها.
(نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) (٣٥)
(نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا) قال أبو إسحاق : نصبت نعمة لأنها مفعول لها ، قال : ويجوز الرفع بمعنى تلك نعمة من عندنا. (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) الكاف في موضع نصب أي نجزي من شكر جزاء كذلك النجاء.
(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) (٣٦)
(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا) أي التي بطشنا بهم. (فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) أي كذّبوا بها شكّا ، كما قال قتادة في (فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) أي لم يصدّقوا بها.
(وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) (٣٧)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٨٠ ، ومعاني الفراء ٣ / ١٠٨.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ١٠٩.
(٣) انظر الكتاب ٣ / ٣١٤.