وجعل لهم سيمياء يعرفون بها حتّى لا يختلط بهم غيرهم.
(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٤٦)
رفع بالابتداء وبإضمار فعل بمعنى تجب أو تستقرّ ، والتقدير : ولمن خاف مقام ربّه فأدّى فرائضه واجتنب معاصيه خوف المقام الذي يقفه الله تعالى للحساب ، ويبيّن هذا قوله : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٤٠] ولا يقال لمن اقتحم على المعاصي : خائف ، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) قال : وعد الله المؤمنين الذين أدّوا فرائضه الجنة.
(ذَواتا أَفْنانٍ) (٤٨)
نعت للجنتين ، والجنة عند العرب البستان. قال أبو جعفر : واحد الأفنان فنن على قول من قال : هي الأغصان ، ومن قال : هي الألوان ألوان الفاكهة فواحدها وعندهم فن والأول أولى بالصواب لأن أكثر ما يجمع فنّ فنون فيستغنى بجمعه الكثير ، كما يقال : شسع وشسوع. ومنه أخذ فلان في فنون من الحديث.
(فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) (٥١)
أي في خلالهما نهران يجريان.
(فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) (٥٢)
أي من كل نوع من الفاكهة صنفان.
(مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) (٥٤)
نصب (مُتَّكِئِينَ) على الحال ، والعالم فيه من غامض النحو. قال أبو جعفر : ولا أعلم أحدا من النحويين ذكره إلّا شيئا ذكره محمد بن جرير قال : هو محمول على المعنى أي : يتنعمون متكئين ، وجعل ما قبله يدلّ على المحذوف. قال أبو جعفر : ويجوز أن يكون بغير حذف ، ويكون راجعا إلى قوله جلّ وعزّ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) كما تقول : لفلان تجارة حاضرا ، أي في هذه الحال. و (مُتَّكِئِينَ) على معنى «من» ولو كان على اللفظ لكان متّكئا. (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ) في موضع رفع بالابتداء. (دانٍ) خبره.
(فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٧)
(فِيهِنَ) قال أبو جعفر : قد ذكرنا هذا الضمير وعلى من يعود. وفيه إشكال قد