تكره إلى ما تحبّ (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) أي مصيرنا ومصير الخلق يوم القيامة.
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٥)
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : تقول : لا تسلّطهم علينا فيفتنونا (وَاغْفِرْ لَنا) ولا يجوز إدغام الراء في اللام لئلا يذهب تكرير الراء. (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) في انتقامك ممن انتقمت منه (الْحَكِيمُ) في تدبير عبادك.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (٦)
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ولم يقل : كانت لأن التأنيث غير حقيقي معناه التأسي (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ) أي ثوابه (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) أي نجاته (وَمَنْ يَتَوَلَ) جزم بالشرط فلذلك حذفت منه الياء ، والجواب (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧)
(أَنْ يَجْعَلَ) ومن العرب من يحذف «أن» بعد «عسى» قال ابن زيد : ففتحت مكة فكانت المودة بإسلامهم (وَاللهُ قَدِيرٌ) أي على أن يجعل بينكم وبينهم مودة. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي لمن اتخذهم أولياء وألقى إليهم بالمودة إذا تاب رحيم به لمن يعذبه بعد التوبة. والرحمة من الله جلّ وعزّ قبول العمل والإثابة عليه.
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٨)
قال أبو جعفر : قد ذكرناه. وليس لقول من قال : إنها منسوخة معنى : لأن البرّ في اللغة إنما هو لين الكلام والمواساة ، وليس هذا محظورا أن يفعله أحد بكافر. وكذا الإقساط إنما هو العدل والمكافأة بالحسن عن الحسن. ألا ترى أن بعده (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وأن في موضع خفض على البدل من (الَّذِينَ) ويجوز أن يكون في موضع نصب أي لا ينهاكم كراهة هذا.
(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٩)
(أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) والأصل تتولّوهم. (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ) أي ينصرهم ويودّهم (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أي الذين جعلوا المودة في غير موضعها. والظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه.