(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٠)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ) على تذكير الجمع (مُهاجِراتٍ) نصب على الحال. (فَامْتَحِنُوهُنَ) ، أي اختبروهن هل خرجن لسبب غير الرغبة في الإسلام (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) أي منكم ثم حذف لعلم السامع (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) مفعول ثان. (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) وذلك لسبب هدنة كانت بينهم. (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) لأنه لا تحلّ مسلمة لكافر بحال. (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي له أن ينكحها إذا أسلمت وزوجها كافر ، لأنه قد انقطعت العصمة بينهما وذلك بعد انقضاء العدة ، وكذا إذا ارتدّ وأتوهم ما أنفقوا ، وهو المهر (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) وقرأ أبو عمرو ولا تمسكوا (١) يكون بمعناه أو على التكثير ، وعن الحسن ولا تمسّكوا (٢) والأصل تتمسّكوا حذفت التاء لاجتماع التاءين ، وعصم جمع عصمة يقال : أخذت بعصمتها أي بيدها ، وهو كناية عن الجماع ، و (الْكَوافِرِ) جمع كافرة مخصوص به المؤنث. (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) وذلك في المهر (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) قال الزهري : فقال المسلمون رضينا بحكم الله جلّ وعزّ وأبى الكفار أن يرضوا بحكم الله ويقرّوا أنه من عنده.
(وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (١١)
في معناه قولان ، قال الزهري : الكفار هاهنا هم الذين كانت بينهم وبين النبيّصلىاللهعليهوسلم الذمة ، وقال مجاهد وقتادة : هم أهل الحرب ممن لا ذمّة له (فَعاقَبْتُمْ) وقرأ حميد الأعرج وعكرمة فعقّبتم (٣) هما عند الفراء بمعنى واحد ، مثل «ولا تصاعر» (وَلا تُصَعِّرْ) [لقمان : ١٨] وحكي أنّ في حرف عبد الله وإن فاتكم أحد من أزواجكم وإذا كان للناس صلح فيه أحد وشيء ، وإذا كان لغير الناس لم يصلح فيه أحد ، وعن مجاهد فأعقبتم (٤) وكله مأخوذ من العاقبة ، والعقبى وهو ما يلي الشيء. (فَآتُوا
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٧٠ (قرأ أبو عمرو مشدّدا ، والباقون مخفّفا).
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ٢٥٤ ، والإتحاف ٢٥٦.
(٣) و (٤) نظر البحر المحيط ٨ / ٢٥٥.