الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) اختلف العلماء في حكمها فقال الزهري أيعطي الذي ذهبت امرأته إلى الكفار الذين لهم ذمّة مثل صداقها ويؤخذ ممن تزوج امرأة ممن جاءت منهم فتعطاه ، وقال مسروق ومجاهد وقتادة : بل يعطى من الغنيمة. قال أبو جعفر : وهذا التأويل على أن تذهب امرأته إلى أهل الحرب ممن لا ذمّة له. (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أي اتّقوه فيما أمركم به ونهاكم عنه.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢)
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) في موضع نصب على الحال. (عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً) أي على ألا يعبدن معه غيره ولا يتّخذن من دونه إلها و (يُشْرِكْنَ) في موضع نصب بأن ، ويجوز أن يكون في موضع رفع بمعنى على أنهنّ ، وكذا (وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) وهذا الفعل كله مبني فلذلك كان رفعه ونصبه وجزمه كله واحدا ، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) يقول : لا ينحن ، وقال ابن زيد : لا يعصينك في كل ما تأمرهنّ به من الخير (فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ولا يجوز إدغام الراء في اللام ويجوز الإخفاء ، وهو الصحيح عن أبي عمرو ، ويتوهّم من سمعه أنه إدغام.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) قال ابن زيد : هم اليهود. (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ) (١) (مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) قد ذكرناه. فمن أحسن ما قيل فيه ، وهو معنى قول ابن زيد ، وقد يئسوا من ثوب الآخرة لأنهم كفروا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم وجحدوا صفته ، وهي مكتوبة عندهم ، وقد وقفوا عليها ، كما يئس الكفار الذين قد ماتوا من ثواب الآخرة أيضا ، لأنهم قد كفروا وجحدوا لكفر هؤلاء.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ٢٥٦ (قرأ ابن أبي الزناد «الكافر» على الإفراد ، والجمهور على الجمع).