وفي الحديث عن أبي الدرداء قال : «يلقى على أهل النار الجوع حتّى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون منه فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيأكلون فلا يغني عنهم شيئا فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصّة فيغصّون به فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يجيزون الغصص بالماء فيستغيثون بالشراب فيرفع لهم الحميم بالكلاليب فإذا دنا من وجوههم شواها فإذا وقع في بطونهم قطّع أمعاءهم وما في بطونهم فيستغيثون بالملائكة فيقولون «ادعوا ربكم يخفّف عنا يوما من العذاب» (١) فيجيبونهم (أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ).
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٥٢)
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) ويجوز حذف الضمة لثقلها فيقال : رسلنا. (وَالَّذِينَ آمَنُوا) في موضع نصب عطفا على الرسل. وفي الحديث عن أبي الدرداء وبعض المحدثين يقول عن النبيّصلىاللهعليهوسلم قال : «من ردّ عن عرض أخيه المسلم كان حقّا على الله جلّ وعزّ أن يردّ عنه نار جهنّم» (٢) ثم تلا (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) وروى سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من حمى مؤمنا من منافق يغتابه بعث الله جلّ وعزّ ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من النار ، ومن ذكر مسلما بشيء ليشينه به وقفه الله جلّ وعزّ على جسر جهنّم حتّى يخرج مما قال»(٣). (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) قال سفيان الثوري : سألت الأعمش عن الأشهاد فقال : الملائكة صلّى الله عليه وسلّم ، وقال زيد بن أسلم (٤) : الأشهاد : الملائكة والنبيون والمؤمنون والأجساد. قال أبو إسحاق : الأشهاد : جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب ، قال أبو جعفر : ليس باب فاعل أن يجمع على أفعال ولا يقاس عليه ، ولكن ما جاء منه مسموعا أدّى كما سمع وكان على حذف الزائد. وأجاز الأخفش والفرّاء (٥) : ويوم تقوم الأشهاد بالتاء على تأنيث الجماعة. وقرأ أبو عمرو وابن كثير لا تنفع الظالمين معذرتهم (٦) قال بعض أهل اللغة : كان الأولى به أن يقرأ ويوم تقوم الأشهاد لأن الفعل يلي الأسماء ، وأن يقرأ (لا يَنْفَعُ
__________________
(١) أخرجه الترمذي في سننه في صفة جهنم ١٠ / ٥٤.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ـ البرّ والصلة ٨ / ١١٨.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه ـ الأدب ـ الحديث رقم (٤٨٨٣).
(٤) زيد بن أسلم أبو أسامة ، مولى عمر بن الخطاب ، وردت عنه ال في حروف القرآن ، أخذ عنه شيبة ابن نصاح (١٣٦ ه) ، ترجمته في غاية النهاية ١ / ٢٩٦.
(٥) انظر معاني الفراء ٣ / ١٠.
(٦) انظر تيسير الداني ١٥٥.