(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (٦٠)
(ادْعُونِي) أمر غير معرب ولا مجزوم عند البصريين إلّا أن تكون معه اللام ، وعند الفراء مجزوم على حذف اللام «أستجب» مجزوم عند الجماعة ؛ لأنه بمعنى جواب الشرط وهذه الهمزة مقطوعة لأنها بمنزلة النون في نفعل ، وسقطت ألف الوصل لأنه قد استغني عنها.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (٦١)
(جَعَلَ) هاهنا بمعنى خلق والعرب تفرق بين «جعل» إذا كانت بمعنى خلق وبين «جعل» إذا لم تكن بمعنى خلق ، فلا تعديها إلّا إلى مفعول واحد ، وإذا لم تكن بمعنى خلق عديتها إلى مفعولين نحو قوله جلّ وعزّ : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الزخرف : ٣] (وَالنَّهارَ) عطف عليه (مُبْصِراً) على الحال.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٦٤)
(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) وتروى عن ابن رزين (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) بكسر الصاد وقد بيّن هذا سيبويه (١) ، وذكر أن الكسرة مجاورة للضمة لأن العرب تقول : ركبة وركبات ويحذفون الضمة فيقولون : ركبات وكذلك هند وهندات ويحذفون الكسرة فيقولون : هندات ، فتجاورت الضمة والكسرة فجمعوا فعلة على فعل رشوة ورشى ، فكذا عنده صورة وصور وهذا من أحسن كلام في النحو وأبينه ، ونظيره أنهم يقولون (٢) : فخذ وفخذ وعضد وعضد ، فيحذفون الكسرة والضمة ولا يقولون : في جمل جمل فيحذفون الفتحة لخفتها ، ويقولون : سورة وسورة ولا يقولون : في فعلة مفتوحة اللام إلا فعال نحو : جفنة وجفان وفعلة مثل : فعلة يقولون : فيها فعل. ألا ترى إلى تجانس فعلة وفعلة ومباينة فعلة لهما.
(هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٥)
(مُخْلِصِينَ) على الحال. (لَهُ الدِّينَ) بوقوع الفعل عليه ، والتقدير : قولوا الحمد لله ربّ العالمين.
__________________
(١) انظر الكتاب ٣ / ٤٤٠.
(٢) انظر ٤ / ٢٢٨.