(كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) (٤٥)
كالمهل تغلي في البطون قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة ، وقراءة ابن كثير (كَالْمُهْلِ يَغْلِي) (١) وهو اختيار أبي عبيد. وهو مخالف لحجّة الجماعة من أهل الأمصار. والمعنى فيه أيضا بعيد على ما تأوله أبو عبيد لأنه جعل يغلي للمهل ؛ لأنه أقرب إليه ، وليس المهل الذي يغلي في البطون إنما المهل يغلي في القدور ، كما روي عن عبد الله بن مسعود أنه أخذ فضة من بيت المال فأذابها ثم وجّه إلى أهل المسجد فقال : هذا المهل. وعن ابن عباس قال : المهل : درديّ الزيت. قال أبو جعفر : إلّا أنه لا يكون لدرديّ الزيت إلّا أن يغلي بذلك على ظاهر الآية.
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) (٤٧)
(خُذُوهُ فَاعْتُلُوهُ) قراءة أهل المدينة. وقرأ أهل الكوفة (فَاعْتِلُوهُ) (٢) وهما لغتان إلا أنّ القياس الكسر ؛ لأنه مثل ضربه يضربه. وأجاز الخليل وسيبويه : «خذوهو فاعتلوهو» بإثبات الواو في الإدراج إلّا أنّ الاختيار حذفها ، واختلف النحويون في ذلك فمذهب سيبويه أن الأصل : «خذوهو» بإثبات الواو إلّا أنها حذفت لاجتماع حرفين من حروف المدّ واللين. ومذهب غيره أنّها حذفت من أجل الساكنين. وقال جويبر عن الضحّاك : إنه نزل في أبي جهل «خذوه فاعتلوه» إذا أمر به يوم القيامة. قال الضحّاك : (فَاعْتِلُوهُ) فادفعوه ، (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) أي إلى وسط الجحيم.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) (٤٨)
روي عن ابن عباس : الحميم الحارّ الذي قد انتهى حرّه.
(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٤٩)
كسرت «إن» لأنها مبتدأة ، ومن قرأ (ذُقْ إِنَّكَ) (٣) جعله بمعنى لأنك وبأنك. والقراءة بالكسر عليها حجّة الجماعة ، وأيضا فإن الكفر أكثر من قوله : أنا العزيز الكريم ؛ لأن تأويل من قرأها بالفتح ذق لأنك كنت تقول : أنا العزيز الكريم.
(إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) (٥٠)
قيل : دلّ بهذا على أنهم يعذبون على الشك وقيل : بل كانوا مع شكّهم يجحدون
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٦٠ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٩٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٠.
(٢) انظر تيسير الداني ١٦٠ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٩٣.
(٣) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٠.