ما شكّوا فيه. ومن شك في شيء فجحده فهو عاص لله تعالى.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) (٥١) (١)
قراءة الكوفيين وأبي عمرو ، وقرأ المدنيون (فِي مَقامٍ) بضم الميم. قال الفرّاء (٢) مقام أجود في العربية لأنه للمكان. قال أبو جعفر : وهذا ما ينكر على الفراء أن يقال للقراءات التي قد روتها الجماعة عن الجماعة : هذه أجود من هذه لأنها إذا روتها الجماعة عن الجماعة قيل : هكذا أنزل ؛ لأنهم لا يجتمعون على ضلالة فكيف تكون إحداهما أجود من الأخرى؟ ومقام بالضم معناه صحيح يكون بمعنى الإقامة كما قال : [الكامل]
٤١٥ ـ عفت الدّيار محلّها فمقامها(٣)
والمقام أيضا الموضع إذا أخذته من أقام ، والمقام بالفتح الموضع أيضا إذا أخذته من قام. (أَمِينٍ) قال الضحّاك : أمنوا فيه الجوع والسقم والهرم والموت وأمنوا الخروج منه.
قال مجاهد : (عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الصافات : ٤٤] لا يرى بعضهم قفا بعض.
(كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٥٤)
(كَذلِكَ) الكاف في موضع رفع أي الأمر كذلك ، ويجوز أن يكون في موضع نصب أي كذلك يفعل بالمتقين. (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) قال الضحّاك : الحور البيض والعين الكبار الأعين. قال الأخفش : ومن العرب من يقول : بحير عين. قال أبو جعفر : هذا على إتباع الأول للثاني ، ونظيره من روى «ارجعن مأزورات غير مأجورات» (٤) والفصيح البيّن ارجعن «موزورات» و «بحور» فأما «عين» فهو جمع عيناء وهو فعل كسرت منه فاء الفعل ؛ لأن بعدها ياء.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٥٦)
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) نصب لأنه استثناء ليس من الأول.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٦٠ ، قراءة نافع وابن عامر بضم الميم والباقين بفتحها.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ٤٤.
(٣) الشاهد للبيد في ديوانه ٢٩٧ ، ولسان العرب (خرج) ، و (أبد) ، و (غول) ، (وصل) ، وجمهرة اللغة ٩٦١ ، وتاج العروس (خرج) و (غول) و (رجم) و (مني) و (قوم) ، ومقاييس اللغة ١ / ٣٤ ، والمخصّص ١٥ / ١٧٦ ، وبلا نسبة في لسان العرب (رجم) ، وجمهرة اللغة ٤٦٦ ، وديوان الأدب ١ / ١٨٩. وعجزه :
«بمنى تأبد غولها فرجامها»
(٤) أخرجه أبو داود في سننه في الجنائز ـ الحديث رقم (٣١٦٧) ، وابن ماجة في سننه ـ باب ٥٠ ـ الحديث رقم (١٥٧٨).