قال ابن جرير : خرج هذا الكلام على السّبيل ، والمعنى : لأهله ، كأنّ المعنى : تبغون لأهل دين الله ، ولمن هو على سبيل الحقّ عوجا. أي : ضلالا. قال أبو عبيدة : العوج بكسر العين ، في الدّين ، والكلام ، والعمل ، والعوج بفتحها ، في الحائط والجذع. وقال الزجّاج : العوج بكسر العين : فيما لا ترى له شخصا ، وما كان له شخص قلت : عوج بفتحها ، تقول : في أمره ودينه عوج ، وفي العصا عوج. وروى ابن الأنباريّ عن ثعلب قال : العوج عند العرب بكسر العين : في كلّ ما لا يحاط به ، والعوج بفتح العين في كل ما لا يحصّل ، فيقال : في الأرض عوج ، وفي الدّين عوج ، لأن هذين يتّسعان ، ولا يدركان. وفي العصا عوج ، وفي السّنّ عوج ، لأنهما يحاط بهما ، ويبلغ كنههما. وقال ابن أبي فارس : العوج بفتح العين : في كل منتصب ، كالحائط. والعوج : ما كان في بساط أو أرض ، أو دين ، أو معاش.
قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) فيه قولان : أحدهما : أن معناه ، وأنتم شاهدون بصحّة ما صددتم عنه ، وبطلان ما أنتم فيه ، وهذا المعنى مرويّ عن ابن عباس ، وقتادة ، والأكثرين. والثاني : أن معنى الشهداء هاهنا : العقلاء ، ذكره القاضي أبو يعلى في آخرين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠))
(١٩٩) سبب نزولها أنّ الأوس والخزرج كان بينهما حرب في الجاهلية ، فلمّا جاء النّبيّ عليهالسلام أطفأ تلك الحرب بالإسلام ، فبينما رجلان أوسيّ وخزرجيّ يتحدّثان ، ومعهما يهوديّ ، جعل اليهوديّ يذكّرهما أيامهما ، والعداوة التي كانت بينهما حتى اقتتلا ، فنادى كلّ واحد منهما بقومه ، فخرجوا بالسّلاح ، فجاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأصلح بينهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد ، وعكرمة ، والجماعة. قال المفسرون : والخطاب بهذه الآية للأوس والخزرج. قال زيد بن أسلم : وعنى بذلك الفريق : شاس بن قيس اليهوديّ وأصحابه. قال الزجّاج : ومعنى طاعتهم : تقليدهم.
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١))
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ). قال ابن قتيبة : أي : يمتنع ، وأصل العصمة : المنع ، قال الزجّاج : ويعتصم جزم ب «من» والجواب : (فَقَدْ هُدِيَ)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢))
قال عكرمة : نزلت في الأوس والخزرج حين اقتتلوا ، وأصلح النبيّ صلىاللهعليهوسلم بينهم.
وفي (حَقَّ تُقاتِهِ) ثلاثة أقوال :
(٢٠٠) أحدها : أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر ، رواه ابن مسعود
____________________________________
(١٩٩) ضعيف. أخرجه ابن المنذر كما في «الدر» ٢ / ١٠٣ (آل عمران : ١٠٠) والواحدي في «أسباب النزول» ٢٣١ عن عكرمة مرسلا ، فهو ضعيف.
(٢٠٠) الصواب موقوف ، كذا أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٤٤١ والحاكم ٢ / ٢٩٤ والطبراني ٨٥٠١ والطبري