عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وهو قول ابن مسعود ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، ومقاتل.
والثاني : أن يجاهد في الله حقّ الجهاد ، وأن لا يأخذ العبد فيه لومة لائم ، وأن يقوموا له بالقسط ، ولو على أنفسهم ، وآبائهم ، وأبنائهم ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثالث : أن معناه : اتّقوه فيما يحقّ عليكم أن تتّقوه فيه ، قاله الزجّاج.
فصل : واختلف العلماء : هل هذا الكلام محكم أو منسوخ؟ على قولين : أحدهما : أنه منسوخ ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن زيد ، والسّدّيّ ، ومقاتل. قالوا : لما نزلت هذه الآية ، شقّت على المسلمين ، فنسخها قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١). والثاني : أنها محكمة ، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وهو قول طاوس. قال شيخنا عليّ بن عبد الله : والاختلاف في نسخها وإحكامها ، يرجع إلى اختلاف المعنى المراد بها ، فالمعتقد نسخها يرى أنّ (حَقَّ تُقاتِهِ) الوقوف مع جميع ما يجب له ويستحقّه ، وهذا يعجز الكلّ عن الوفاء به ، فتحصيله من الواحد ممتنع ، والمعتقد إحكامها يرى أنّ (حَقَّ تُقاتِهِ) أداء ما يلزم العبد على قدر طاقته ، فكان قوله تعالى : (مَا اسْتَطَعْتُمْ) مفسرا ل (حَقَّ تُقاتِهِ) لا ناسخا ولا مخصّصا.
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣))
قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) قال الزجاج : اعتصموا : استمسكوا. فأما الحبل ، ففيه ستة أقوال : أحدها : أنه كتاب الله : القرآن. رواه شقيق عن ابن مسعود ، وبه قال قتادة ، والضّحّاك ، والسّدّيّ. والثاني : أنه الجماعة ، رواه الشّعبيّ عن ابن مسعود. والثالث : أنه دين الله ، قاله ابن عباس ، وابن زيد ، ومقاتل ، وابن قتيبة. وقال ابن زيد : هو الإسلام. والرابع : عهد الله ، قاله مجاهد ، وعطاء ، وقتادة في رواية ، وأبو عبيد ، واحتجّ له الزجاج بقول الأعشى :
وإذا تجوّزها حبال قبيلة |
|
أخذت من الأخرى إليك حبالها |
وأنشد ابن الأنباريّ :
فلو حبلا تناول من سليمى |
|
لمدّ بحبلها حبلا متينا (٢) |
والخامس : أنه الإخلاص ، قاله أبو العالية. والسادس : أنه أمر الله وطاعته ، قاله مقاتل بن حيّان. قال الزجّاج : وقوله : (جَمِيعاً) منصوب على الحال ، أي : كونوا مجتمعين على الاعتصام به. وأصل
____________________________________
٧٥٣٩ عن ابن مسعود. وصححه الحاكم على شرطهما ، وكرره الطبري ٧٥٣٤ و ٧٥٣٥ و ٧٥٣٦ موقوفا و ٧٥٣٧ و ٧٥٣٨ و ٧٥٤٠ و ٧٥٤١ من طرق موقوفا. ولم أجده مرفوعا ، فقد رواه الأئمة كما رأيت موقوفا ، وهو الصواب. وانظر «فتح القدير» للشوكاني ٥٣٨.
__________________
(١) التغابن : ١٦.
(٢) في «اللسان» : الحبل الوصال.