نعاسا ، فهو ناعس. وبعضهم يقول : نعسان. قال الفرّاء : قد سمعتها ، ولكني لا أشتهيها. قال العلماء : النّعاس : أخفّ النّوم. وفي وجه الامتنان عليهم بالنّعاس قولان : أحدهما : أنه أمّنهم بعد خوفهم حتى ناموا ، فالمنّة بزوال الخوف ، لأنّ الخائف لا ينام. والثاني : قوّاهم بالاستراحة على القتال.
قوله تعالى : (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر : «يغشى» بالياء مع التّفخيم ، وهو يعود إلى النّعاس. وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وخلف «تغشى» بالتاء مع الإمالة ، وهو يرجع إلى الأمنة. فأما الطّائفة التي غشيها النّوم ، فهم المؤمنون ، والطّائفة الذين أهمّتهم أنفسهم : المنافقون ، أهمّهم خلاص أنفسهم ، فذهب النّوم عنهم.
(٢٢٥) قال أبو طلحة : كان السّيف يسقط من يدي ، ثم آخذه ، ثم يسقط ، وآخذه من النّعاس. وجعلت أنظر ، وما منهم أحد يومئذ إلا يميد تحت حجفته (١) من النّعاس.
(٢٢٦) وقال الزّبير : أرسل الله علينا النّوم ، فما منّا رجل إلا ذقنه في صدره ، فو الله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) فحفظتها منه.
قوله تعالى : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِ) فيه أربعة أقوال : أحدها : أنهم ظنّوا أنّ الله لا ينصر محمّدا وأصحابه ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني : أنهم كذّبوا بالقدر ، رواه الضّحّاك ، عن ابن عباس. والثالث : أنهم ظنّوا أن محمّدا قد قتل ، قاله مقاتل. والرابع : ظنّوا أن أمر النبي صلىاللهعليهوسلم مضمحل ، قاله الزجاج.
قوله تعالى : (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) ، قال ابن عباس : أي : كظنّ الجاهلية.
قوله تعالى : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) لفظه لفظ الاستفهام ، ومعناه : الجحد ، تقديره : ما لنا من الأمر من شيء. قال الحسن : قالوا : لو كان الأمر إلينا ما خرجنا ، وإنما أخرجنا كرها. وقال غيره : المراد بالأمر : النّصر والظّفر ، قالوا : إنما النصر للمشركين ، (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ) ، أي : النصر والظفر ، والقضاء والقدر (لِلَّهِ). والأكثرون قرءوا (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) بنصب اللام ، وقرأ أبو عمرو برفعها ، قال أبو عليّ : حجّة من نصب ، أن «كلّه» بمنزلة «أجمعين» في الإحاطة والعموم ، فلو قال : إنّ الأمر أجمع ، لم يكن إلا النّصب ، و «كلّه» بمنزلة «أجمعين» ، ومن رفع ، فلأنّه قد ابتدأ به ، كما ابتدأ بقوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ).
قوله تعالى : (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) في الذي أخفوه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه قولهم : «لو كنا في
____________________________________
(٢٢٥) صحيح. أخرجه البخاري ٤٠٦٨ والترمذي ٣٠٠٧ والنسائي في «الكبرى» ١١١٩٨ وابن سعد ٣ / ٥٠٥ وابن أبي شيبة ١٤ / ٤٠٦ والطبري ٨٠٧٥ والحاكم ٢ / ٢٩٧ والطبراني ٤٧٠٠ والبيهقي في «الدلائل» ٣ / ٢٧٢ وأبو نعيم في «الدلائل» ٤٢١ من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت به. وإسناده على شرط مسلم.
(٢٢٦) أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٣ / ٢٧٣ عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير به.
وفي الإسناد أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، وهو ضعيف ، ومن فوقه ثقات ، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث ، فانحصرت العلة في أحمد هذا.
__________________
(١) الحجف : ضرب من الترسة ، واحدتها حجفة ، وقيل : هي من الجلود خاصة. وميد : تحرك ومال.