(٢٣٢) والخامس : أنّ قوما غلّوا يوم بدر ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة.
(٢٣٣) والسادس : أنها نزلت في الذين تركوا مركزهم يوم أحد طلبا للغنيمة ، وقالوا : نخاف أن يقول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من أخذ شيئا ، فهو له» فقال لهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ألم أعهد إليكم ألّا تبرحوا؟! أظننتم أنّا نغلّ؟!» فنزلت هذه الآية ، قاله ابن السّائب ، ومقاتل.
والسابع : أنها نزلت في غلول الوحي ، قاله القرظيّ ، وابن إسحاق (١).
وذكر بعض المفسرين أنهم كانوا يكرهون ما في القرآن من عيب دينهم وآلهتهم ، فسألوه أن يطوي ذلك ، فنزلت هذه الآية.
واختلف القرّاء في «يغل» فقرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو : بفتح الياء وضمّ الغين ، ومعناها : يخون ، وفي هذه الخيانة قولان : أحدهما : خيانة المال على قول الأكثرين. والثاني : خيانة الوحي على قول القرظيّ ، وابن إسحاق. وقرأ الباقون : بضمّ الياء وفتح الغين ، ولها وجهان : أحدهما : أن يكون المعنى يخان ، ويجوز أن يكون : يلفى خائنا ، يقال : أغللت فلانا ، أي : وجدته غالا ، كما يقال : أحمقته : وجدته أحمق ، وأحمدته : وجدته محمودا ، قاله الحسن ، وابن قتيبة. والثاني : يخوّن ، قاله الفرّاء ، وأجازه الزجّاج ، وردّه ابن قتيبة ، فقال : لو أراد : يخون ، لقال : يغلل ، كما يقال : يفسق ويخون ، ويفجر.
وقيل : «اللام» في قوله «لنبيّ» منقولة ، ومعنى الآية : وما كان النبيّ ليغلّ ، ومثله : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) (٢) أي : ما كان الله ليتّخذ ولدا. وهذه الآية من ألطف التّعريض ، إذ قد ثبتت براءة ساحة النبيّ صلىاللهعليهوسلم من الغلول ، فدلّ على أنّ الغلول في غيره. ومثله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣) وقد ذكر عن السّدّيّ نحو هذا.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الغلول : أخذ شيء من المغنم خفية ، ومنه الغلالة ، وهي ثوب يلبس تحت الثياب ، والغلل : وهو الماء الذي يجري تحت الشّجر ، والغلّ : وهو الحقد الكامن في الصّدر ، وأصل الباب الاختفاء. وفي إتيانه بما غلّ ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه يأتي بما غلّه ، يحمله ، ويدلّ عليه ما روى البخاريّ ومسلم في «الصّحيحين» من حديث أبي هريرة قال :
____________________________________
(٢٣٢) ضعيف. أخرجه الطبري ٨١٥٢ وعبد بن حميد كما في «الدر» ٢ / ١٦٢ عن قتادة مرسلا ، فهو ضعيف.
(٢٣٣) لا أصل له. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٥٨ م عن الكلبي ومقاتل بدون إسناد. وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١ / ٤٣٤ : ذكره الثعلبي والواحدي في «أسبابه» عن الكلبي ومقاتل ... اه.
وهو معضل ، مقاتل إن كان ابن سليمان فهو متروك متهم ، وإن كان ابن حيان فقد روى مناكير كثيرة ، وأما الكلبي فمتروك متهم ولم أر من أسنده ، ولا روي عن غيرهما.
__________________
(١) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ٨١٤٧ عن ابن إسحاق ، وهذا معضل فهو ضعيف جدا.
(٢) سورة مريم : ٣٦.
(٣) سورة سبأ : ٢٥.