ومقاتل في آخرين. والثالث : أنه بمخالفتهم الرسول في الخروج من المدينة يوم أحد ، فإنه أمرهم بالتّحصّن فيها ، فقالوا : بل نخرج ، قاله قتادة ، والرّبيع.
قال مقاتل : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من النّصر والهزيمة (قَدِيرٌ).
(وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (١٦٧))
قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) الجمعان : النبيّ وأصحابه ، وأبو سفيان وأصحابه ، وذلك في يوم أحد ، وقد سبق ذكر ما أصابهم.
قوله تعالى : (فَبِإِذْنِ اللهِ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أمره. والثاني : قضاؤه ، رويا عن ابن عباس. والثالث : علمه ، قاله الزجّاج.
قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) أي : ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم ، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلّة صبرهم.
قال ابن قتيبة : والنّفاق مأخوذ من نافقاء اليربوع ، وهو جحر من جحرته ، يخرج منه إذا أخذ عليه الجحر الذي دخل فيه. قال ابن قتيبة : قال الزّياديّ عن الأصمعيّ : ولليربوع أربعة أجحرة : النّافقاء : وهو الذي يخرج منه كثيرا ، ويدخل منه كثيرا. والقاصعاء ، سمّي بذلك لأنه يخرج تراب الجحر ، ثم يقصّع ببعضه كأنه يسدّ به فم الجحر ، ومنه يقال : جرح فلان قد قصع بالدّم : إذا امتلأ ولم يسل. والدّامّاء ، سمّي بذلك ، لأنه يخرج التراب من فم الجحر ، ثم يدمّ به فم الجحر ، كأنه يطليه ، ومنه يقال : ادمم قدرك بشحم ، أي اطلها به. والرّاهطاء ، ولم يذكر اشتقاقه ، وإنما يتّخذ هذه الجحر عددا ، فإذا أخذ عليه بعضها ، خرج من بعض.
قال أبو زيد : فشبّه المنافق به ، لأنه يدخل في الإسلام بلفظه ، ويخرج منه بعقده ، كما يدخل اليربوع من باب ويخرج من باب. قال ابن قتيبة : والنّفاق : لفظ إسلاميّ لم تكن العرب تعرفه قبل الإسلام. قال ابن عباس : والمراد بالذين نافقوا عبد الله بن أبيّ ، وأصحابه.
(٢٣٦) قال موسى بن عقبة : خرج النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم أحد ، ومعه المسلمون ، وهم ألف رجل ، والمشركون ثلاثة آلاف ، فرجع عنه ابن أبيّ في ثلاثمائة.
فأمّا القتال ، فمباشرة الحرب. وفي المراد بالدّفع ثلاثة أقوال : أحدها : أنه التّكثير بالعدد. رواه مجاهد عن ابن عباس ، وهو قول الحسن ، وعكرمة ، والضّحّاك ، والسّدّيّ ، وابن جريج في آخرين. والثاني : أن معناه : ادفعوا عن أنفسكم وحريمكم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وهو قول مقاتل. والثالث : أنه بمعنى القتال أيضا. قاله ابن زيد.
قوله تعالى : (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن معناه : لو نعلم أن اليوم يجري قتال ما
____________________________________
(٢٣٦) هذا معضل. وأخرجه الطبري ٨١٩٤ عن السدي ، وهذا مرسل ، فهو ضعيف.