الصّلاة ، يصلي قائما ، فإن لم يستطع ، فعلى جنب ، هذا قول عليّ ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وقتادة. والثاني : أنه الذّكر في الصّلاة وغيرها ، وهو قول طائفة من المفسرين. والثالث : أنه الخوف ، فالمعنى : يخافون الله قياما في تصرّفهم وقعودا في دعتهم ، وعلى جنوبهم في منامهم.
قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال ابن فارس : الفكرة : تردّد القلب في الشيء. قال ابن عباس : ركعتان مقتصدتان في تفكّر خير من قيام ليلة ، والقلب ساه.
قوله تعالى : (رَبَّنا) قال الزجّاج : معناه : يقولون : ربّنا (ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) أي : خلقته دليلا عليك ، وعلى صدق ما أتت به أنبياؤك. ومعنى (سُبْحانَكَ) : براءة لك من السّوء ، وتنزيها لك أن تكون خلقتهما باطلا ، (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) فقد صدّقنا أنّ لك جنّة ونارا.
(رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢))
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) قال الزجّاج : المخزى في اللغة المذلّ المحقور بأمر لزمه وبحجّة. يقال : أخزيته ، أي : ألزمته حجّة أذللته معها. وفيمن يتعلّق به هذا الخزي قولان : أحدهما : أنه يتعلّق بمن يدخلها مخلّدا ، قاله أنس بن مالك ، وسعيد بن المسيّب ، وابن جبير ، وقتادة ، وابن جريج ، ومقاتل. والثاني : أنه يتعلّق بكل داخل إليها ، وهذا المعنى مرويّ عن جابر بن عبد الله ، واختاره ابن جرير الطّبريّ ، وأبو سليمان الدّمشقيّ.
قوله تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) قال ابن عباس : وما للمشركين من مانع يمنعهم عذاب الله تعالى.
(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣))
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً) في المنادي قولان : أحدهما : أنه النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قاله ابن عباس ، وابن جريج ، وابن زيد ، ومقاتل. والثاني : أنه القرآن ، قاله محمّد بن كعب القرظيّ ، واختاره ابن جرير الطّبريّ.
قوله تعالى : (يُنادِي لِلْإِيمانِ) فيه قولان : أحدهما : ينادي إلى الإيمان ، ومثله : (الَّذِي هَدانا لِهذا) (١) ، (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٢) ، قاله الفرّاء. والثاني : بأنّه مقدّم ومؤخّر ، والمعنى : سمعنا مناديا للإيمان ينادي ، قاله أبو عبيدة.
قوله تعالى : (وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) قال مقاتل : أمح عنّا خطايانا. وقال غيره : غطّها عنّا ، وقيل : إنما جمع بين غفران الذّنوب ، وتكفير السّيئات ، لأن الغفران بمجرّد الفضل ، والتّكفير بفعل الخير. (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ : «الأبرار» و «الأشرار» و «ذات قرار» وما كان مثله بين الفتح والكسر ، وقرأ ابن كثير ، وعاصم بالفتح. ومعنى (مَعَ الْأَبْرارِ) : فيهم ، قال ابن عباس : وهم الأنبياء والصّالحون.
__________________
(١) الأعراف : ٤٣.
(٢) الزلزلة : ٥.