العصر يوم الجمعة آخر الخلق ، في آخر ساعة من ساعات الجمعة ، ما بين العصر إلى الليل».
قال ابن عباس : لما نفخ فيه الروح ، أتته النّفخة من قبل رأسه ، فجعلت لا تجري منه في شيء إلّا صار لحما ودما.
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١))
قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها). في تسميته بآدم قولان : أحدهما : لأنه خلق من أديم
____________________________________
يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم عليهالسلام بعد العصر من يوم الجمعة. في آخر الخلق. في آخر ساعة من ساعات الجمعة. فيما بين العصر إلى الليل» لفظ مسلم. وأخرجه ابن معين في «تاريخه» ٣٠٥ وعنه الدولابي في «الكنى» ١ / ١٧٥ عن هشام بن يوسف عن ابن جريج ، به. وأخرجه الحاكم في «معرفة علوم الحديث» ٣٣ ـ ٣٤ من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن أيوب بن خالد ، وإبراهيم متروك. وعلقه البخاري في «تاريخه» ١ / ٤١٣ ـ ٤١٤ من طريق أيوب وقال : وقال بعضهم : عن أبي هريرة عن كعب ، وهو أصح.
ـ قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» ١ / ٩٩ : هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم وقد تكلم عليه ابن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعا. وذكره أيضا في «تفسيره» ٣ / ٤٢٢ وقال : فيه استيعاب الأيام السبعة ، والله تعالى قد قال : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ*). وقال الإمام ابن تيمية رحمهالله في «الفتاوى» ١٧ / ٢٣٦ : وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله : «خلق الله التربة ، يوم السبت» فهو حديث معلول قدح فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره ، قال البخاري : الصحيح أنه موقوف على كعب الأحبار. وقال المناوي في «فيض القدير» ٣ / ٤٤٨ : قال بعضهم : هذا الحديث في متنه غرابة شديدة فمن ذلك : أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام ، وهذا خلاف القرآن لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السماوات في يومين. وقال البيهقي : وزعم بعض أهل العلم أنه غير محفوظ لمخالفته ما عليه أهل التفسير ، وأهل التواريخ ، وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أيوب بن خالد ، وإبراهيم غير محتج به. ثم أسند البيهقي ٨١٣ من طريق الحاكم عن أحمد بن محمد عن محمد بن نصر عن محمد بن يحيى الذهلي قال : سألت علي بن المديني عن حديث أبي هريرة «خلق الله التربة ...». فقال علي : هذا حديث مدني ، رواه هشام بن يوسف عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن أبي رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدي ، قال علي : وشبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى ، وقال لي : شبك بيدي عبد الله بن رافع ، وقال لي : شبك بيدي أبو هريرة ، وقال لي : شبك بيدي أبو القاسم ، وقال لي : خلق الله التربة ...» فذكر الحديث بنحوه. قال علي المديني : وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلّا من إبراهيم بن أبي يحيى.
ـ ويؤيد ما قاله علي المديني ، هو ما أخرجه الحاكم في «علوم الحديث» ص ٣٣ في «بحث المسلسل» : من طريق الحسن بن بكر بن الشرود قال : شبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى ، وقال إبراهيم ... الحديث.
ـ قلت : فالخبر معلول ، وهو غريب جدا ، وحسبه الوقف ، وأن مصدره كعب الأحبار وعبد الله بن سلام.
ـ ومما يدل على غرابته بل نكارته أنه ليس عند مسلم ذكر خلق السماوات أصلا ، وهذا عجيب معارض بقوله تعالى في سورة فصّلت [٩ ـ ١٢](قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ ، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ، فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ...). فمن تأمل الآيات ظهر له الأمر جليا ، والله أعلم.