(٤٠٨) والثاني : أن اليهود عزموا على الفتك برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكفاه الله شرّهم ، قال ابن عباس : صنعوا له طعاما ، فأوحي إليه بشأنهم ، فلم يأت.
(٤٠٩) وقال مجاهد ، وعكرمة : خرج إليهم يستعينهم في دية ، فقالوا : اجلس حتى نعطيك ، فجلس هو وأصحابه ، فخلا بعضهم ببعض ، وقالوا : لن تجدوا محمّدا أقرب منه الآن ، فمن يظهر على هذا البيت ، فيطرح عليه صخرة؟ فقال عمرو بن جحاش : أنا ، فجاء إلى رحى عظيمة ليطرحها عليه ، فأمسك الله يده ، وجاء جبريل ، فأخبره ، وخرج ، ونزلت هذه الآية.
(٤١٠) والثالث : أن بني ثعلبة ، وبني محارب أرادوا أن يفتكوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم وبأصحابه ، وهم ببطن نخلة في غزاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم السّابعة ، فقالوا : إنّ لهم صلاة هي أحبّ إليهم من آبائهم وأمّهاتهم ، فإذا سجدوا وقعنا بهم ، فأطلع الله نبيّه على ذلك ، وأنزل صلاة الخوف ، ونزلت هذه الآية ، هذا قول قتادة.
والرابع : أنها نزلت في حقّ اليهود حين ظاهروا المشركين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، هذا قول ابن زيد.
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٢))
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) قال أبو العالية : أخذ الله ميثاقهم أن يخلصوا له العبادة ، ولا يعبدوا غيره. وقال مقاتل : أن يعملوا بما في التّوراة.
وفي معنى النّقيب ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الضّمين ، قاله الحسن ، ومعناه : أنه ضمين ليعرف أحوال من تحت يده ، ولا يجوز أن يكون ضمينا عنهم بالوفاء ، لأنّ ذلك لا يصحّ ضمانه. وقال ابن قتيبة : هو الكفيل على القوم. والنّقابة شبيهة بالعرافة. والثاني : أنه الشّاهد ، قاله قتادة. وقال ابن فارس : النّقيب : شاهد القوم ، وضمينهم. والثالث : الأمين ، قاله الرّبيع بن أنس ، واليزيديّ ، وهذه الأقوال تتقارب. قال الزجّاج : النّقيب في اللغة ، كالأمين والكفيل ، يقال : نقّب الرجل على القوم ينقّب : إذا صار نقيبا عليهم ، وصناعته النّقابة ، وكذلك عرّف عليهم : إذا صار عريفا ، ويقال لأول ما يبدو من الجرب : النّقبة ، ويجمع النّقب والنّقب. وقال الشاعر :
____________________________________
(٤٠٨) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» ٢ / ٤٨٩ ـ ٤٩٠ من طريق عطاء عن ابن عباس وعن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس مطوّلا ، ومقاتل متهم ، والضحاك لم يلق ابن عباس ، وأخرجه الطبري ١١٥٦٧ بسند فيه مجاهيل.
وانظر ما بعده ، (٤٠٩) أخرجه الطبري برقم ١١٥٦١ و ١١٥٦٢ عن مجاهد ، وبرقم ١١٥٦٥ عن عكرمة ، وكلاهما مرسل.
(٤١٠) مرسل. أخرجه الطبري ١١٥٦٨ عن قتادة مرسلا. فهذه المراسيل تتأيد بمجموعها ، وإن اختلفت ألفاظها ، والله أعلم ، فإن المعنى متحد ، وهو محاولة الكفرة قتل النبي صلىاللهعليهوسلم.